المستعرضكتابنا

عندما يشيح الحرس القديم بوجهه عن حزب “تواصل”/ المامي ولد جدو

من الخطأ الاعتقاد بأن هناك رأيا سياسيا ينطلق من فراغ، ففي السياسة ليست هناك نوايا حسنة، وإنما مصالح و«لوبيات» تمارس الضغط لتسهيل الحصول على امتيازات، وليس لتسجيل موقف لله أو للتاريخ.

وإنما قد يدفع طول الطابور الطويل وربما حرارة الطقس “والتنگلي” لاتخاذ وضعية التسلل من الأحزاب، أو الرفع من العقيرة احتجاجاً على ما يعتبرونه تهميشاً مقابل ما قدموا من الدعم على طريقة الزعيم مسعود ولد بلخير الذي قال “نحن لم نعد أطفالاً ولم نعد عبيدا والرئيس لا يعرف ماذا نريد..” بعد أن تم حشره في الزاوية خلال مقابلة تلفزية، ولم يتمكن من التعبير عن سعيه للوصول لامتيازات مقابل “الصمت السياسي” ليعيد استنساخ مواقفه مع النظام السابق.

إلا أن معتزلة “تواصل” توجهوا لنقد مواقف حزبهم عوضاً عن الصياح بضرورة دمجهم في المناصب والتعيينات.

حيث بات -من يعتبر نفسه على لائحة الانتظار في قائمة التعيينات والامتيازات من قيادات حزب تواصل السابقين- يندفع بمناسبة أو بدونها لتلميع سياسة الحكومة، ونقد حزبهم خلال تسكعهم بين صفحات الفيسبوك، سعياً لتسجيل مواقف يعتقدون بأن النظام قد ينتشي بها.

لا بد أن متتبعي وسائل الإعلام قد لاحظوا كيف تصاعدت حدة النقد  من قبل حزب تواصل تجاه الحكومة، وبالمقابل تصدى الحرس القديم  للحزب وعدد من مؤسسيهه  من اللذين باتوا يسفهون بيانات الحزب وخرجات قيادته اكثر مما ينتقدها الدكتور إسحاق الكنتي.

وهي وضعية مريحة بالنسبة للإتحاد من أجل الجمهورية، كي يتفرغ للتنافس فيما بينه وبين أحزاب الأغلبية، ويترك المعارضة تنفجر من الداخل.

فبعد دخول بعض هؤلاء بوابة القصر، وتعيين آخرين لم يعد مستغرباً أن يخرج علينا “الشهيد الحي” محمد غلام  بتدوينات من قبيل “أسجل لوجه الله وللتاريخ رفضي للبيان الذي اصدرته مجموعة من الأحزاب ذكر من بينها تواصل” .

وقد تبنت مواقفه النائب زينب بنت التقي التي شاركت منشوره حول البيان الأخير، وكذا فعل القيادي الذي لوح بالاستقالة من الحزب الشيخاني ولد بيبه، وقد سبقهم لمواقف مشابهة رئيس الحزب السابق محمد جميل ولد منصور صاحب التدوينات الزئبقية.

 وقد وصفت ظاهرة نقد “الإخوان” بالآراء المفخخة ومدفوعة “الوعود”، والتي أصبح يستعملها الخصوم السياسيون لتصفية بعضهم البعض.

رغم أن هؤلاء لم يصلوا حد وصف قيادات التيار بأصحاب “الدين المغشوش”، خلال سعي حزبهم لتسخين الحلبة السياسية،  إلا أنهم بدأوا يتحينون الفرص لإظهار تحررهم من عباءة الحزب وما يفرضه على انصاره والمنخرطين في صفوف التيار من الطاعة والكتمان والتقية أحيانا.

وقد اشتغلت المنافسة بين “الإخوان” والتواصليين وسال لعابهم بعد أن تمكن التيار من دس بعض المنتمين له في دهاليز القصر حيث استوعبهم النظام في إطار تهدئة المناخ السياسي ومنهم من أعلن دعمه خلال الحملة الرئاسية.

وبالمحاصلة يمكننا القول بأن المواقف التي بات يعبر عنها أبرز مؤسسي حزب تواصل لا تعد انتصارا للنظام أو للضمير، بقدر ما هي إملاءات من المندسين من التيار في القصر أو سعيا لتثبيتهم في مناصبهم.

فهل حقا أن “الإخوان” يعانون من نقص في الروحانيات في مقابل التهافت على الكسب المادي، و البحث عن التعيينات والمناصب والانشغال بجمع المال، و السعي الأعمى للوصول إلى الأهداف ولو على حساب المبادئ والأخلاق، وأن الممسكين بزمام الحركة والحزب لا يملكون من التدين والأخلاق والثقافة والحنكة ما يمكنهم من تصدر المشهد في حزب يرفع شعار الإسلام كما وصفهم قياديون منسحبون من حزب النخلة.

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى