استقصاءالمستعرض

أضخم مشروع عالمي لإنتاج الهيدروجين في موريتانيا.. عراقيل ومحفزات

هل يعد استغلال البترول والغاز من أجل تحفيز قطاع التعدين والزراعة في الشمال حلاً أمثل؟

رؤيا بوست: وقعت موريتانيا وشركة  CWP Global الأمريكية اتفاقية لإنتاج طاقة الهيدروجين، وسيكلف المشروع 40 مليار دولار وهي الأكبر من نوعها في العالم .

المشروع المسمى أمان ، سيتم تطويره في شمال موريتانيا على موقع صحراوي بمساحة حوالي 8.500 كيلومتر مربع. ويهدف لخلق “ناقل تصدير مستقر من شأنه أن يولد آلاف الوظائف الجديدة في البناء والتصنيع المحلي والعمليات وتسهيل الصادرات” ، كما يقول مدير الشركة الأمريكية مارك كراندال.

وللتعرف أكثر على هذه الطاقة النظيفة، ومعوقات إنتاجها، وما إذا كانت هناك بدائل للطاقة أنسب بالنسبة لموريتانيا؟ التقت رؤيا بوست بالمهندس محمد محمود ولد الحضرامي- مهندس المكامن البترولية وخبير في تطوير البرمجيات- و الذي تحدث بشكل مفصل عن المشروع وعن تعقيدات إنتاج طاقة الهيدروجين، وأهمية تطوير موارد الطاقة المتوفرة لموريتانيا.

المهندس محمد محمود ولد الحضرامي

يساند كثيرون الفكرة القائلة إن الهيدروجين يمكن أن ينقذ العالم من شراك أزمة الطاقة والمعضلة المناخية، لكن تطبيق هذا الحل ليس سهلا، نظرا لأن تخزين هذه المادة مكلف. وهو ما يطرح التساؤل التالي: هل الهيدروجين يمكن أن يحقق ثورة في مجال الطاقة أو أن ذلك مجرد وهم؟

في هذا التقرير الذي نشرته مجلة “ماريان” (Marianne) الفرنسية، قال الكاتب بيير فانديجينستي إنّ فرنسا تعتزم اعتماد الهيدروجين لتوليد الطاقة، حيث خصصت الحكومة برنامجًا دقيقا بميزانية مهمة لتشجيع البحث والصناعة في هذا المجال على مدى 10 سنوات.

أين يكمن التعقيد؟

يكمن التعقيد في كيفية الحصول على الهيدروجين، إذ من المعروف أنه العنصر الكيميائي الأكثر شيوعا في الكون، فذراته تدخل ضمن تركيبة الماء والوقود الأحفوري على غرار الفحم والنفط والغاز الطبيعي.

ويقع استخراج الهيدروجين إما من جزيئات تحتوي على الهيدروجين والكربون مثل الميثان، الذي يعتبر المكون الرئيسي للغاز الطبيعي. أو من الماء بفصل الهيدروجين عن الأكسجين بمساعدة الكهرباء فيما يعرف بالتحليل الكهربائي.

ولا تتأتى هذه الكهرباء في الغالب من مصادر طاقة نظيفة، وإنما من مصادر طاقة منخفضة الكربون: مثل السدود، والطاقة الحرارية الأرضية، وتوربينات الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقات البحرية والطاقة النووية. لكن الهدف هو إنتاج هيدروجين “أخضر” دون إنتاج غازات ضارة وملوثة.

وأوضح الكاتب أن توليد الطاقة بالهيدروجين يكون من خلال تفاعل الهيدروجين مع الأكسجين، وذلك يحدث إما بالطريقة التقليدية أثناء عملية الاحتراق التي تنتج حرارة يمكن تحويلها إلى طاقة، أو بالطريقة الحديثة عبر “خلية الوقود” التي تنتج القليل من الحرارة مقابل كمية أكبر من الكهرباء.

الطاقة الكهربائية التي يولدها الهيدروجين تشوبها نقطة ضعف بارزة، وهي طريقة تخزينها (شترستوك)

التخزين

تشوب الطاقة الكهربائية التي يولدها الهيدروجين نقطة ضعف بارزة، وهي طريقة تخزينها. ويعتبر التخزين عبر البطاريات، أكثر الطرق المعتمدة.

لكن ذلك يطرح العديد من المشاكل على غرار “كثافة الطاقة” المنخفضة خاصة من حيث الوزن، إذ يتطلب استبدال خزان سيارة بسعة بضع عشرات من اللترات من البنزين بطارية تزن مئات الكيلوغرامات. وصنع هذه البطاريات يحتاج كميات كبيرة من المعادن.

 استخراج كيلوغرام واحد من الهيدروجين من الغاز الطبيعي، ينتج عنه 9 أو 10 كيلوغرامات من ثاني أكسيد الكربون (شترستوك)

معا لإستغلال مخزوناتنا من البترول والغاز

حوض تاودني الرسوبي

يقع التنقيب عن النفط في حوض تاودني، في الغالب، على بعد حوالي 500 كيلومتر من الساحل، والبنية التحتية تكاد تكون معدومة. هذا هو الواقع مع تنقيب توتال بالقرب من وادان في آدرار، التي تبعد 600 كيلومتر على الأقل عن نواكشوط.

نحو تخفيض فاتورة الطاقة في مجال التعدين وتنمية المناطق الشمالية

علينا كبلد معدني أن ننتج الطاقة من خلال مصادرها المعروفة بأقل ثمن، وهي غازنا وبترولنا في مناطق لمريه بحوض تاودني بأدرار والحوض الشاطئي الأطلسي.

إذا كنا نريد أن نستقل عن مشكلة الإرتباط بإقتصاد الحدود (سكة حديد سنيم ونهر السنغال) وإكراهاته الجيوستراتيجية؛ ولو جزئيا، فعلنا بالاستثمار في الزراعة في ولايات الشمال وتعميرها، فهي قليلة السكان والحصول على مزارع ذات مردودية اقتصادية كبيرة ممكنة فقط هناك.

في الحقيقة الأمثلة كثيرة على تحويل الصحاري القفرة إلى مورد رئيسي للبلد من الحبوب والخضروات، فولايات الوادي و آدرار في الجزائر خير دليل على إمكانية المناطق الشمالية الصحراوية.

وبالطبع يتطلب هذا المشروع تحلية المياه. وهي مسألة لن تكون مكلفة بالنظر لإمكاناتنا الهائلة من مصادر الطاقة.

النهر شاخ ومصاب بأمراض كثيرة وتربته لم تعد شابة، بخلاف إنشيري وداخلت إنواذيبو وتيرس فهي مناطق بكر والشمس دائمة والتلوث معدوم على عكس نهر السنغال إضافة لقضية العقار.

في الحقيقة إنه لعيب أن تستأثر نواكشوط بكل الإستثمارات العقارية، في الوقت الذي يكون الميناء والشاطئ عموما مكبات للقمامة، والرائحة الكريهة ومظهر البؤس.

 حلول

يمكننا أن نستخدم عائدات البترول والمعادن في إنتاج الطاقة والبنى التحتية خاصة سكك الحديد؛

تفكيك إنواكشوط إلا مدن ونقل جزء من ساكنته بتحفيزات وليس قسرا إلى بنشاب، الشامي، تانيت، وكرمسين؛

توزيع الأراضي المستصلحة في الشمال على خريجي معهد روصو للزراعة وتزويدهم بالمعدات والمياه مع إستحداث مداس تكوين مهني في هذا المجال؛

إنشاء قطب مينائي وسياحي في الشامي؛

إستغلال مياه بحيرة أوكار (لعيون/ تيشيت) خلق قطب زراعي في الحوض الغربي وتكانت؛

إن قصة الهيدروجين لا تعدوا أن تكون، محاولة لصرفنا عن الضروريات والبحث عن الكماليات.

 فديننا يقول الإسلام، الإيمان ثم الإحسان. وأهل علم الفقه يقولون: علم ضروري، وعلم كفائي وعلم تحسيني. و أهل الإقتصاد يقولون ( هرم ماسلوا) الضروريات و الثانويات ثم الرفاه.

 يقول المهندس محمد محمود ولد الحضرامي، مهندس المكامن البترولية وخبير في تطوير البرمجيات بأنه عمل في مصانع الذرة الصفراء(مكه)، وقد كانت في السبعينات والثمانينات وجهة الغرب للتخلص من تبعيته وارتباطه بالغاز والبترول، خاصة بعد قرار الملك فيصل رحمه الله وقف تصدير هذه المادة الحيوية بعد حرب 73 بين العرب وإسرائيل المدعومة من الغرب.

وقد واصل الغرب في البحث عن بدائل للطاقة منذ السبعينات وحتى الآن، ولكي يقنع الرأي العام فلابد من الحديث عن البيئة، السيارات هي أكثر ملوث والبشر، وليست المصانع وحدها مسؤولة عن التلوث.

ويضيف:”.. إنه من منطلق تجربتي في الحياة وزيارتي لبلدان عديدة،  وبحكم تخصصي في مجال تكنولوجيا المعلومات، الرياضيات، وهندسة البترول والمعادن، فضلا عن كوني عملت في التنقيب عن الذهب والحديد واليورانيوم وتطوير منجم حديد؛ وأقيم منذ خمسة عشر عامة في الغرب؛ كل هذه التجارب تجعل طرحي هذا ليس وهما أو خيالا بل هو من تراكم الخبرات الميدانية التي يجب أن تأخذ بعين الإعتبار.

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى