المستعرضكتابنا

أين الجثة/ المامي ولد جدو

كتب صحيفة الواشنطون بوست عنوانا عريضا يتساءل عن جثة الصحفي السعودي المغدور جمال خاشقجي Where’s The Body أين الجسد؟ في ذكرى اغتياله.

وهنا في موريتانيا نتدارس بيان مستشار وزير العدل السابق الذي وصفه المغردون برصاصة الرحمة على مصداقية الدكتور أحمد ولد هارون، وعلى ما اسبغ عليه من الثناء والشجاعة والجرأة، وأنه يسبح عكس تيار عائلته أو اسرته التي بادرت لإعلان فروض الولاء والطاعة، فبدا وكأنه يغرد خارج السرب لتختنق بذلك حججه وتتصاعد تصريحاته النارية كخيط دخان دون أن تبقى هناك جمرة تحت الرماد .

بل ذهب البعض في تحليله حد القول بأنه “يغار” من اخته الصغرى التي تتولى حقيبة شؤون المرأة، وهي بالمناسبة وزيرة تتلقى إشادة المنظمات العاملة في المجال لما لها من حيوية وجدية واستعداد للعمل وتطبيق برنامج التعهدات.

لم يترك المستشار السابق لوزير العدل أي مبرر لمناصريه -والمكبرين خلفه في مواقع التواصل الإجتماعي- فرصة لمواصلة الدفع به نحو النجومية السياسية، فسقط من ارتفاع شاهق، وكأنه أغنية هابطة أو شعر رديء يقتل الإحساس داخل النفس، كما قال مستشار نيرون عندما أحرق روما وسأله الملك المهوس: كيف تشعر وأنت ترى روما تحترق؟ فقال له المتسشار: هذا الحجر سيتم بناءه يوما ما، ولكنك قتلت فيهم الإحساس عندما اجبرتهم على حفظ شِعرك الرديء.

انتهى تحقيق الشرطة مع المستشار السابق أحمد ولد هارون، وخرج من المخفر دون أن يخرج الوثيقة للعلن، و دون أن يكشف عن المزيد من المعلومات حولها، ودون أن يضع النقاط على الحروف ويسمي الضالعين في التهم الخطيرة بتهريب ملايين الدولارات حسب ما قال.

لقد خرج علينا – بعد أن التقط أنفاسه- ببيان يوضح ملابسات توقيفه وأقصى ما ذهب إليه هو اتهام رجال الأمن بمداهمة منزله، وكأنه كان ينتظر أن يرن هاتفه ويتم إعلامه بأن الشرطة ستأتي للتفتيش عن الأدلة التي تدين هؤلاء، من أجل أن تترك له الوقت الكافي لإخفائها كما فعل طيلة الفترة السابقة، حيث لم يتحدث عن وثيقته إلا بعد إقالته من منصبه ولم يظهرها رغم كل هذا المسار الإعلامي والعدلي، وكأنها اتهامات كيدية لا تخلو من سوء نية كما ذهب إليه بيان وزارته السابقة.

المستشار المنشق أطلع الجمهور في بيانه بأنه ترك الكرة أو الوثيقة في ملعب الأمن “إن شاءوا أطلعوكم عليها وإن شاءوا تركوها”، وقال بأنه ينتظر الوقت المناسب “شرعا وقانونا وسياسة” لنشرها، وكأنه يعترف مرة تلو أخرى بأنه يجري مناورات سياسية مكشوفة، و لا يراعي ضرورة التبليغ عن الفساد أو احترام الرأي العام الوطني أو صوت الضمير.

ما يمكن تأكيده هو أن بيان الرجل بعد إخلاء سبيله لم يمكنه من حفظ ماء وجهه الذي اريق على وسائل الإعلام وفي دفاتر محاضر الشرطة، ويؤكد ما ذهبت إليه وزارة العدل بأن اتهاماته تتعلق بقضية جرى فيها التحقيق ولا علاقة لها بما ذهب إليه حول اتهام رئيس الجمهورية والوزير الأول ووزير العدل بإخفاء “الجثة” الوثيقة.

سيناريو الوثيقة المتبخرة يجعلنا نتساءل إن كانت الوثيقة موجودة أصلا، أم تم تحريفها، وهل تم أغتيال الوثيقة هل تم إخفاء الوثيقة  هل تخشقجت وثيقة المستشار ولد هارون؟

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى