تواصل وغزواني، معارضة موالية أم مولاة معارضة/محمد افو
24 يناير، 2019
محمد أفو
في العام 2004 كان فخامة الرئيس محمد خونا ولد هيدالة مرشحا للإنتخابات الرئاسية بدعم من التيار الإسلامي .
كنت في إحدى ليالي تلك الحملة أنعم بسهرة على شلال الهجرة الهادئ بالمدينة المنورة ، لأستقبل اتصالا من أخوين تربطني بهما وشائج قربى ( من التيار الإسلامي ) “نحن بغايتنا فيك ” ، رحبت بهما وحددت موقعي ولم يتأخرا كثيرا .
توقفا على الشارع العام ودعوتهما لمشاركتنا جلستنا ، لكنهما طلبا أن ألتحق بهما في السيارة لحديث خاص .
كان الموضوع متعلقا بمبادرة باسم القبيلة لدعم المرشح آنف الذكر ، فرحبت بهما وطلبت منهما تزيدي ببرنامج مرشح التيار حتى أتبين الأمر ، فتعللا بأن البرنامج لا يزال قيد الإعداد والصياغة ، وأبديت دهشتي وامتعاضي من الرد وخصوصا أن الحملة تستهل أسبوعها الثاني وهي في أوجها .
لأتفاجأ بعد ذلك باسمي محشورا في لائحة طويلة على موقع الراية ، باسم شباب القبيلة .
وقد شهدت بعد ذلك الكثير من الترتيبات السياسية داخل أروقة القبيلة من ذات التيار .
الأحزاب السياسية تمشي على رجلين في الواقع بينما تفكر في بغيتها ومساراتها الغائية المبدئية .
وهذا المسلك سياسي ومبدئي في ذات الوقت ، فاللعب بأدوات الواقع هو لعبة السياسي المحورية والأهم ولا يتعارض مع التنظير المبدئي .
ولهذه الأسباب النظرية والواقعية فإنني أعتقد أننا مقبلون على فترة سيعتمد فيها حزب تواصل على تقنيات جميل منصور ، ( قرر موقفك بناء على المصلحة ، ونافح عنه بمبدئية ) .
وهي استراتيجية يعتمد فيها السياسي على شيء آخر غير الإجابات الربكة للأتباع أو للرأي العام .
لن يترك تواصل صفوف المعارضة لأن الموالاة تحرق القواعد الشعبية ، بينما يظل خطاب المعارضة هو الأكثر فاعلية للإستقطاب العاطفي في ظروف الدولة المنهكة .
كان الحزب بذكائه الاستراتيجي يعد نفسه لاحتمال غزواني ..
واتضح ذلك من خلال الحفاظ على قاعدته الأكثر التزاما بانتخابه السيد محمد محمود ولد سيدي وإعادة ترشيح الأستاذ الحسن ولد محمد .
فلم يكن محمد محمود ولد سيدي هو الأمثل لشغل فراغ كبير كفراغ جميل منصور ، ولم تكن إعادة الترشيح من سسن الحزب المتقبلة .
لكن الترتيب لاحتمال غزواني كان حاضرا في رسم تلك الواجهة حفاظا على أكبر رافد شعبي واستثماري للحزب ، وترضية له استباقا لتخطف الحمية القبلية لذلك الناخب التقليدي .
لن يقف ولد سيدي حيث كان يستطيع جميل أن يقف ، لأن الموقف يكون بردا وسلاما حين يبرره الرئيس جميل ، أما ولد السيدي فهو أقل حضورا من إدارة وتبرير قرارات الحزب المعاكسة لنهج الفترة و التي تحتاج لخرط قتاد التأصيل.
يبقى ان نحسب حساب الرجل الهادئ والبعيد عن تجاذبات الإعلام الأستاذ محمد محمود ولد محمد الأمين، صاحب الشخصية المؤثرة في العمق الشعبي لتواصل.
بالإضافة إلى مطارحات واقعية تتعلق بحجم التوزان بين ولاء الناخب القبلي وولائه السياسي.
ما يضاف لذلك من عوامل أخرى حاضرة في المشهد الاجتماعي التقليدي تتعلق بمفهوم مرشح الجهة.
ووفق تلك المعطيات لا اتوقع أن يذهب تواصل للانتخابات داعما لشخصية ليست محل إجماع أو على الأقل من خارج الطيف الراديكالي ( شخصية مستقلة).
لكنه لن يغامر بانتهاج نهج معارضته لعزيز دون حسابات عاقلة لثمن ذلك حين يقع خيار السلطة على غزواني.
فدعم مرشح في الانتخابات لا يعتبر فعلا معارضا، لكن السؤال يتعلق بمدى قدرة تواصل على معارضة غزواني حين ينتخب رذيسا للبلاد.
لأن تدوير الدفة نحو دعم مباشر لغزواني لن يكون تبريره في حدود قدرات الرئيس الجديد.
لذلك يبقى الخيار الأكثر واقعية هو تحديد اطار سياسي جديد باسم “المعارضة الصافحة”. يكفل تحررا من الراذيكالية في المعارضة دون القفز لقلب الموالاة.
لأن مهمة الحزب في المأمويات القادمة ستكون منحصرة في الحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه