يبقى الصراع من أجل فلسطين ..والكفاح في سبيل حريتها كفاحا وجوديا/ مولاي عمر
14 ديسمبر، 2017
مولاي عمر
إن تلك البقعة من الأرض ليس مجرد جغرافية على الخريطة ..ولا مجرد تضاريس يعيش عليها بشر ..إنها ضمان بقاء أمة بأكملها …ورمز كينوني .. وكل تنازل عنها يعتبر إيذانا بانطلاق رحلة العدم الأبدي … هناك طرق واستراتيجيات كثيرة لإدارة النضال من أجل انتزاع فلسطين من براثن الكيان الصهيوني الغاصب. ومن أهم تلك الاستراتيجيات : – العلمنة: إن تجريد فلسطين من طابع القداسة الذي ينظر إليها به المسلمون والمسيحيون …يجعل من الممكن التعامل بواقعية مع ملابسات الوضع القائم وتقييمه بموضوعية .. ويتيح الفرصة لحشد التعاطف العالمي الذي قد يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة ..وإلى اعتبار الوجود الصهيوني فيها وجودا استعماريا غاصبا. لكن ينبغي أن نشير إلى أنه تم تبني هذه الاستراتيجية من طرف الحكومات الفلسطينية ذات النزوع الليبرلي..لكنها لم تجد نفعا يذكر …وهاهي اليوم تقف عاجزة عن رد صولة ترامب ..ولم تجن غير قلق من هنا وتعاطف من هناك ..الخ. – التعريب: إن تعريب القضية الفلسطينية يوفر لها حضنا انتمائيا ..ويرسخها وجدانيا في قلوب العرب حيثما كانوا ..ويجعلها قضية أمة بأكملها ..ووطن كل عربي..ويفرض حضورها في السياسات العربية ..ويرسخها ..ويجعلها إرثا تتناقله الأجيال، وتضحي من أجله. وهذا ما وقع بالفعل ..حيث خاض العرب حروبا عدة من أجل فلسطين ..ودافعوا عنها ..وعادوا الكيان الصهيوني لأجلها ..ولعل أبرز مظاهر ذلك ما وقع في عهد جمال عبد الناصر ، وحرب ثلاثة وسبعين ..وما قام به صدام حسين ..الخ. غير أن التعريب الذي بدأت أركانه تتهدم ودعائمه تتداعى في ظل الهجمتين الغربية والإسلاموية اللتين تتفقان على اجتثاثه لم يعد يصلح غطاء للقضية الفلسطينية ..كما أن ظروف التفكك والصراع العربي البيني أدت إلى استحالة بقائه (التعريب) قائما كرهان في الدفاع عن فلسطين. ينضاف إلى ذلك أنه – رغم ماقدم للقضية- قد أخرجها من إطار أوسع هو إطار القداسة الإسلامية ..وجعل مسؤولية الدفاع عنها على عاتق العرب دون غيرهم. وهو بذلك حرمها لمدة طويلة من الزمن من طاقات كبيرة كان من الممكن استثمارها بشكل فعال. كما جعلها عرضة للضياع في ظل أي أزمة وهن تمر بها الأمة العربية كما عليه الوضع الحالي. – الأسلمة (نسبة إلى الإسلام كمفهوم عام) : حسب رأيي لا يكون حل القضية الفلسطينية بشكل فعلي إلا من خلال أسلمتها أي النظر إليها باعتبارها مسؤولية المسلمين أينما كانوا …وبذلك يتم إكسابها مساحة اهتمام كبيرة …وإحاطتها بسور عقدي وإيماني يبقى مابقي مسلم على وجه الأرض ..وهو ما يضمن إمداد المقاومة من أجلها بنبع لا ينضب …وبحاضنة شعبية ممتدة عبر أرجاء المعمورة. لا تعني الأسلمة إلغاء المسيحيين على الإطلاق، فحقوقهم في فلسطين محفوظة .. والدفاع عنها دفاع عن الأقصى ..وهذا من صميم الدين الإسلامي. بيد أن هذه الأسلمة – على نجاعتها نظريا – لم تتح الفرصة لتطبيقها فعليا ..وذلك في ظل الاقتتال الداخلي المفتعل عبر أجندات غربية وصهيونية ..تعمل على تنفيذها دول عربية مسلمة ذات خطاب ديني مؤثر وواسع الامتداد ..وظفت طاقاتها وإمكاناتها في تفعيل مفاهيم ومصطلحات تفريقية ومذهبية بهدف شغل الأمة بحروب أهلية استنزافية.. وصدها عن الوقوف صفا مرصوصا من أجل قضيتها المركزية. زد على ذلك أن المرحلة الأولى لأسلمة الكفاح من أجل فلسطين تنطلق من تبني خطاب توحدي ..يضمد الجراح ..ويجفف منابع الاحتقان ..ويعيد نبرة الجسد الواحد. مولاي عمر