رأي

القاضي الشيخ عبد الدايم يكتب: ملاحظات على هامش مشروع قانون “النوع”

بعد الإطلاع على مشروع قانون العنف ضد النوع فإننا نبدي عليه الملاحظات التالية :

أولا : ملاحظات عامة  :

1_ إن أي قانون إنما يتم تشريعه بغية معالجة ظاهرة معينة وتراعى فيه خصوصية كل مجتمع وبلد وديانته وعاداته وأعرافه .

والمجتمع الموريتاني من أكثر المجتمعات احتراما للمرأة : أما، وزوجا، وبنتا، وأختا، بل وسواهن من ذوات الرحم.

وذلك انطلاقا من النصوص الشرعية الحاثة على إكرام المرأة والبر بها والإحسان إليها كما في قوله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف )  وهو كل فعل جميل  ويشمل ذلك النفقة وحسن العشرة في المعاملة في الأقوال والأفعال كما أوضحه المفسرون كما جاء أيضا في صحيح مسلم في قوله صلى الله عليه وسلم: “واستوصوا بالنساء خيرا” حتى أن ما عرف في المجتمع الموريتاني من احترام للمرأة وتقديرها وإكرامها لا يوجد في مجتمع آخر حسب علمنا وإطلاعنا حيث تغتفر إساءتها ويستجاب لرغباتها وتلبى طموحاتها وغالبا تقابل إساءتها بالإحسان ويعتبر ذلك دليلا على مروءة الرجل وشهامته عكس ما هو موجود في المجتمعات الأخرى والتي تعتبره ضعفا وخورا وفقدانا للرجولة حيث لا تستطيع المرأة أن ترفع صوتها على زوجها أو أن تتقاعس عن تلبية بعض طلباته وان فعلت شيئا من ذلك وجهت بالضرب والتنكيل وعليه فما دام مجتمعنا الموريتاني متشبثا بأخلاقه وقيمه النبيلة فلا داعي لتشريع قوانين لا تلائمه ولا تلائم أعرافه وعاداته كما لا ينبغي أن نسن له قوانين  فرضت في بلدان أخرى بناء على واقعها وعاداتها وسلوكها الذي لا يتطابق مع عاداتنا وسلوكنا وأخلاقنا كما أن ما ورد في القانون من نزع سلطة الرجل على زوجه والأب على ابنته وترك الحبل للمرأة على الغارب مخالف لشريعتنا الإسلامية الغراء وعاداتنا وأخلاقنا النبيلة وقد يؤدي إلى كوارث اجتماعية وتفكك أسري وانحلال  أخلاقي  حيث كان الوازع المجتمعي من أقوى الوسائل لمنع الانحرافات السلوكية والخلقية وقد كانت قوامة الرجل على المرأة قوامة إيجابية حيث كان يحرسها ويحميها ويدافع عن شرفها ويشقى في سبيل إسعادها وحفظ كرامتها  فإذا القينا تلك القوامة وفككنا تلك الروابط فنخشى أن تنزلق مجتمعاتنا إلى ما انزلقت إليه مجتمعات أخرى من الفوضى والإرتكاس الأخلاقي والوقوع في حماة الرذيلة وتفشي الفساد والانحلال الخلقي نعوذ بالله من ذلك

2_ إن مشروع هذا القانون مستغنى عنه بما ورد في مدونة الأحوال الشخصية الموريتانية الصادرة بالقانون رقم 52/2001 بتاريخ 19 /يوليو / 2001

والقانون الجنائي الموريتاني الصادر بالأمر القانوني رقم :  83/162 بتاريخ :

 09 / يوليو /1983  فقد ورد في مدونة الأحوال الشخصية الفصل السابع في آثار الزواج ما يلي : المادة 55 ( الزواج الصحيح تترتب عليه جميع آثاره من حقوق وواجبات وتتمثل في النفقة والإسكان وحفظ العرض والوفاء والمساعدة والتعاون ).

المادة :56 ( الزوج هو قيم العائلة ويقوم بذالك الدور في صالح الأسرة وتساعد الزوجة زوجها في إدارة شؤون العائلة )

المادة : 57 ( للمرأة أن تمارس كل عمل خارج البيت في حدود ما تسمح

به الشريعة الإسلامية )

كما أشارت المادة :  102 منه إلى التطليق  للضرر وعرفته بأنه :

(الذي لا يستطاع معه دوام العشرة)

 كما نصت المادة :146 منه على أن : ( كل من أدين بدفع نفقة واجبة عليه بسبب الزوجية أو القرابة أو الالتزام بقرار قضائي حائز قوة الأمر المقتضي وامتنع بعد شهرين من دفع تلك النفقة يعاقب طبقا لأحكام القانون الجنائي )

وورد في المادة : 288 من القانون الجنائي الموريتاني أنه : (  يعاقب بالحبس من عشرة أيام إلى سنتين كل من امتنع عن إعطاء النفقة الواجبة عليه للولد أو الوالد مع القدرة عليها

ونصت المادة 336 من نفس القانون على أنه يعد مرتكب جريمة ترك الأسرة ويعاقب بالحبس من ثلاثة اشهر إلى سنة وبالغرامة من 5000الاف أوقية إلى 1000000الف أوقية :

1 الزوج الذي يهمل في مدة الزواج القيام بحاجيات زوجته وذالك لمدة تزيد على شهرين

2 _ الزوج الذي يهمل القيام بحاجيات مطلقته الحامل لمدة شهرين إذا كان الحمل قد بدا قبل الحل النهائي لعقد الزواج

3 _ الأب الذي يهمل لأكثر من شهرين القيام بحاجيات أبنائه الذين تقل أعمارهم عن ثمانية عشر سنة والذين هم في كفالته شرعا

4 _ كل شخص يهمل لمدة تجاوز شهرين تقديم كامل النفقة المقررة عليه بحكم قضائي مشمول بالنفاذ المعجل أو نهائي لزوجه أو أبويه أو فروعه

المادة 337 يجوز الحكم علاوة على العقوبات المبينة في المادة 336 بالحرمان من الحقوق الواردة في المادة 36 من هذا القانون لمدة خمس سنوات إلى عشر سنوات

فهذه النصوص القانونية كفيلة بضمان حقوق الزوجات والبنات ومن تجب على الشخص نفقاته هذا فيما يتعلق بالحقوق والواجبات

أما فيما يتعلق بما ورد في مشروع القانون من عقوبات على الاعتداء الجنسي على المرأة فقد ورد بشكل أوفى وأعدل وأقوم وأحسن في القانون الجنائي الموريتاني السالف الذكر وذلك لاستمداد نصوصه من الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة  فنصوصه متطابقة مع نصوص الشريعة الإسلامية الغراء التي ندين الله تعالى بها ويدين بها كافة أفراد الشعب الموريتاني المسلم وهي المصدر الوحيد للتشريع في دستور الجمهورية الاسلامية الموريتانية

هذه الملاحظات العامة

ثانيا : الملاحظات التفصيلية وسنوردها على النحو التالي  :

1 _ المادة 7 والتي ورد بها الاغتصاب كل فعل أدى إلى اختراق للفرج او المخرج أو الفم مهما كانت طبيعته مرتكب على شخص دون رضاه بعنف أو إكراه أو تهديد أو مفاجأة) فما ورد من تعريف الاغتصاب من إضافة كلمة ( اختراق الفم)

لا يدخل في معنى الاغتصاب أو الزنا شرعا بل يدخل ضمن جرائم الاعتداء الجنسي الأخرى التي يعاقب عليها بعقوبة تعزيرية ولا يدخل ضمن العقوبات الحدية للزنا فيجب حذفها من تعريف الاغتصاب

كما أن ما ورد في نفس المادة في عقوبة الاغتصاب  ( يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من يرتكب جريمة اغتصاب على امرأة دون المساس عند الاقتضاء بعقوبة الحد أو الجلد إذا كان المرتكب أعزب وإذا كان محصنا يتم النطق بالإعدام وحده)

التعبير في هذه الفقرة من المادة ( بعقوبة الحد والجلد ) فيه تكرار إذ كان يجب عدم عطف الحد على الجلد  والأولى في الصياغة أن يقال : بعقوبة الحد بالجلد إذا كان المرتكب بكرا )  واستبدال لفظة أعزب الواردة في المادة ( بالبكر ) لأن الأعزب قد يكون محصنا سبق له الزواج الشرعي فالتعبير الشرعي أدق واحكم

كما أن ما ورد ( وإذا كان محصنا يتم النطق بالإعدام وحده ) مخالف للنص الشرعي فيجب استبداله بالرجم وهذه المادة أحسن منها وأكمل ما ورد في المادة 309 من القانون الجنائي الموريتاني حيث ورد فيها ( يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من يحاول جريمة الاغتصاب ، وإذا تمت الجناية فان الجاني يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة زيادة على الجلد إذا كان بكرا ، كما يعاقب بالرجم وحده اذا كان محصنا ) فهذه المادة متطابقة مع النصوص الشرعية ووافية بالمطلوب حيث ورد فيها الحد الشرعي للزنا إذا كان المغتصب بكرا مع زيادة الأشغال الشاقة تعزيرا وعقوبته بالرجم وحده إذا كان محصنا لأن الرجم هو أقصى عقوبة فهذه المادة أولى مما ورد في مشروع القانون لذلك يجب حذف ما ورد في مشروع القانون الجديد واستبداله بالمادة الواردة في القانون الجنائي سالفة الذكر

2_ المادة : 9 والتي عرفت الزنا وعقوبته وقد وردت فيها ألفاظ تحتاج إلى إعادة صياغة بدل ما ورد في المادة من لفظة يعاقب بالجلد أو الحبس من سنة إذا كان أعزب يجب استبدالها بلفظة ( يعاقب بالجلد والحبس لمدة سنة إذا كان بكرا ) فالتعبير ببكر أولى من التعبير بأعزب لأن الأعزب قد يكون سبق له الزواج  كما أن ما ورد في المادة من التعبير بعقوبة الجلد أو الحبس لا يصح شرعا لأن الحبس ليس عقوبة بديلة عن عقوبة الجلد بل هو مكمل لها لأن المالكية أقاموا الحبس مقام التغريب الوارد في الحديث الصحيح ا، إلا إذا كان ما ورد في المادة من لفظة أو خطئا مطبعيا وهو ما نعتقده ، كما أن عقوبة ( الحكم بالإعدام جلدا حتى الموت ) الواردة في المادة المذكورة يجب استبدالها بعقوبة الرجم للمحصن كما هو النص الشرعي الوارد في الحديث المتفق عليه والمجمع عليه من العلماء وهو ما ورد في المادة 307 من القانون الجنائي الموريتاني فيجب إلغاء هذه المادة واستبدالها بالمادة 307 من القانون الجنائي الموريتاني المطابق لأحكام الشريعة الإسلامية

3 _ ما ورد ي المادة 10 في زنا المحارم أحسن منه وأولى ما ورد في المادة

 10 3 من القانون الجنائي الموريتاني إذ فرق بين ما إذا كان الجاني ( المغتصب ) محصنا فيعاقب بالإعدام  بالرجم وما إذا كان بكرا فيعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة زيادة على الجلد

أما إذا وقع الاغتصاب في حالة يتعذر معها الغوث فتدخل ضمن الحرابة كما نص عليه الإمام ابن العربي في أحكام  القرآن عند قوله تعالى : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ..إلخ) حيث نص على أن المغالبة على الفروج أعظم من المغالبة على الأموال فهي أولى بالدخول في أحكام الحرابة وذالك إذا وقعت على وجه يتعذر معه الغوث  راجع أحكام القرآن لابن العربي  عند الآية المذكورة وتفسير القرطبي الجزء 6 ص : 156

المادة : 11 ( يعاقب من شهرين إلى خمس سنوات سجنا كل زوج سبب بإرادته ضربا أو جروحا أو مارس العنف على قرينه سواء كان بدنيا أو معنويا أو نفسيا )

هذه المادة فيها إطلاق يجب تقييده بان يكون الضرب بغير سبب شرعي أو تجاوز الحد المسموح به بحيث وصل إلى حد الضرب المبرح وهو الذي يكسر عظما أو يشين جارحة .

ففي حالة الاعتداء غير المشروع يمكن للمرأة أن تطالب بالطلاق ويحكم لها بالطلاق طبقا للمادة 102 من مدونة الأحوال الشخصية ويمكن زيادة على ذالك عقوبة الزوج المعتدي بالعقوبة المناسبة

أما الضرب الخفيف للتأديب فهو جائز شرعا بنص قوله تعالى : ( والتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) وبين الحديث الضرب المباح بأنه الضرب غير المبرح ففي حديث جابر مرفوعا (ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أجدا تكرهونه فإن فعلن ذالك فاضربوهن ضربا غير مبرح  )) صحيح مسلم بشرح النووي الجزء 8 ص 183/  184

والضرب المبرح  هو الضرب الشديد الشاق كما في شرح النووي المتقدم .

وهذا النوع من الضرب المبرح لا يجوز للتأديب ومنه الذي يكسر عظما أو يشين جارحة

وذكر الفقهاء شروطه وأن منها ظن الإفادة وأن يقدم عليه ما ورد في الآية من الوعظ والهجر في المضاجع فإن لم يجد  ذلك تم اللجوء إلى الضرب غير المبرح للإصلاح

المادة : 12  يعاقب من شهرين إلى سنتين حبسا كل من احتجز زوجه أو زوجته

وهذه المادة يمكن الاستغناء عنها بما ورد في المادة 319 من القانون الجنائي الموريتاني لأنها تشمل كل من أوقف أو اعتقل أو احتجز أي شخص بدون أمر السلطات المختصة وخارج الحالات التي يأمر فيها القانون بالقبض على المتهمين

المادة : 14( يعاقب من عشرة أيام إلى سنتين حبسا كل من شتم زوجته بعبارة مهينة يمكن أن تمس من كرامتها أو شرفها )

هذه المادة يجب أن تقيد بان لا يكون شتمه لها ردا على إساءة منها له لأنه في حالة الرد على الإساءة من الزوجة لا تعتبر اعتداء ولا إساءة  لقوله تعالى :

( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )

وفي ذالك يقول ناظم النوازل :

ولا إساءة إذا الزوج ابتدا    بها لقوله من اعتدا

المادة 16 (يعاقب كل من فرض سلوكا أو تصرفا على زوجه أو زوجته من ستة أشهر إلى سنة واحدة حبسا وبغرامة من مائة وخمسين ألفا إلى ثلاثمائة ألف أوقية )

هذه المادة هي الكارثة لأنها تعتبر مناقضة تماما للقوامة الشرعية الواردة في قوله تعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصلحت قانتات حافظت للغيب بما حفظ الله ) الآية

وذالك أن هذه المادة تقتضي أن لا دخل للزوج في تصرفات الزوجة وسلوكها سواء كان سلوكا حسنا أو سيئا ولا شأن له بممارساتها وأفعالها ولو خالفت الشرع والعرف والأخلاق لأن كلمة كل من فرض سلوكا أو تصرفا عامة في كل سلوك وتصرف فهي مناقضة لتعاليمنا الإسلامية ولقيمنا وأخلاقنا المثالية وهي مدعاة إلى التفكك الأسري والانحلال الخلقي والتشبه بالغرب الذي لا يقيم للدين ولا للأخلاق وزنا ولذلك يجب حذفها وإلغاؤها

المادة : 18 (يعاقب أي زوج منع زوجته من الميراث من سنة إلى سنتين وبغرامة من مائتي ألف أوقية إلى خمسمائة ألف أوقية )

هذه المادة تعالج ظواهر قد تحدث في الغرب  ولا تتناسب مع واقع المجتمعات المسلمة ففي الغرب يكون للشخص الحق في أن يوصي بجميع ماله لمن أحب ويحرم ورثته أو من شاء منهم من الميراث أما في شريعتنا الغراء فلا يحق  للزوج ولا لغيره أن يحرم ورثته من إرث حيث لا يجوز له أن يوصي بأكثر من الثلث كما في نص الحديث الصحيح المتفق عليه وعليه أجمعت الأمة كما لا يجوز له أن يوصي لبعض ورثته ففي الحديث ( لا وصية لوارث) حتى أن الفقهاء وخصوصا المالكية احتاطوا وسدوا ذريعة إخراج وارث من الميراث ولذالك منعوا طلاق المريض في مرض الموت وعاملوه بنقيض قصده فأوجبوا للزوجة الميراث في تركة زوجها الذي طلقها في مرض الموت تأسيا بقضاء أميري المؤمنين عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما كما في الموطأ الجزء الثاني الصفحة 93 طبعة دار الندوة الجديدة

المادة : 19منع ممارسة الحريات العامة ( يعاقب من سنة إلى سنتين حبسا كل زوج يمنع أو يقيد شريكه عن ممارسته لحرياته العامة )

هذه المادة يجب تقييدها بما لا يتنافى مع حقوق الزوج الشرعية أو ما يؤدي إلى التبرج أو الاختلاط المشبوه بالأجانب

المادة 21 زواج فاقد الأهلية ( إذا زوج الولي فاقد الأهلية دون احترام القانون اعتبر هذا الزواج شرعيا، غير أن الولي يتعرض للسجن من ستة أشهر إلى خمس سنوات ولغرامة مالية من 150000 أوقية  إلى 300000  أوقية إذا كان قد تصرف  لمصلحته )

الأصل جواز تزويج الصغيرة لما ثبت من تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة وهي بنت ست  سنين وبأنه بنى بها وهي بنت تسع . كما في صحيح البخاري الجزء 3/ ص 1414 وصحيح مسلم الجزء 2 ص 1038

إلا أن الففهاء نصوا على أن غير البالغ لا يزوجها إلا الأب لما له من مزيد الشفقة والحنان أما غيره فلا يزوجها إلا بعد بلوغها إلا إذا خيف فسادها وشوور القاضي في ذلك

وإلى ذالك أشار خليل في مختصره بقوله: ( ثم لا جبر فالبالغ  ) : هي التي تزوج

( إلا يتيمة خيف فسادها وبلغت عشرا وشوور القاضي ) راجع شروح خليل خصوصا الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي الجزء الثاني الصفحة 355

ونصت المادتان السادسة والسابعة من مدونة الأحوال الشخصية على من يصح زواجه وحكم زواج ناقص الأهلية فنصت المادة السادسة على أنه ( تكمل أهلية الزواج بالعقل وإتمام الثماني عشرة من العمر ، ويصح لولي ناقص الأهلية أن يزوجه إذا رأى مصلحة راجحة في ذالك .

المادة السابعة إذا زوج الولي ناقص الأهلية دون مراعات مقتضيات المادة السابقة فإن الزواج يقع صحيحا . غير انه إذا تبين أن ذالك لمحض مصلحة الولي فإنه يتعرض للعقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي )

وبناء عليه فإن هذه المادة لا يحتاج إليها وفيها إطلاق قد يؤدي إلى معاقبة الأولياء الذين يريدون إعفاف بناتهم وصيانتهم وينبغي بدلا من ذلك أن يشار إلى تعيين موجهين اجتماعيين وصحيين لتوجيه الأهالي إلى ترك الزواج المبكر قبل سن الثامنة عشرة إذا لم توجد ظروف تقتضي عكس ذلك على أن يتم ذلك على سبيل النصح والتوجيه وليس الإجبار والإكراه وسن القوانين وفرض العقوبات .

المادة 38 ( يفترض صدق شهادة امرأة وقعت ضحية لاعتداء جنسي حتى يثبت العكس ).

تعارض هذه المادة بشكل صريح قواعد الإثبات حسب مركز المدعي والمدعى عليه وهو مالا خلاف فيه طبقا للحديث المتفق عليه ( لو يعطى الناس بدعواهم لا ادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعي عليه  )

وفي رواية أخرى ( البينة على المدعي واليمين على من أنكر)

 وقصارى ما تصل إليه دعوى المرأة في الاغتصاب أن تكون شبهة تدرأ عنها حد الزنا إذا أتت متعلقة به بقرب الواقعة وهو ما أشار إليه خليل بقوله :

(وان ادعت استكراها على غير لائق بلا تعلق حدت له) راجع شرح الخرشي الجزء 7 / ص 41.

أما دعواها الاغتصاب دون قرينة على ذلك فلا تقبل منها وإلى ذلك أشار خليل في مختصره باب الزنا

( ولم يقبل دعواها الغصب بلا قرينة ) راجع شرح الخرشي الجزء 8 / ص 287

وقد يجوز للقاضي تأديب المتهم إذا قامت قرائن قوية على إدانته وإن لم تصل الى حد إثبات الجريمة الحدية ، كما أن المستكرهة إذا ثبت استكراهها تستحق التعويض  بمهر المثل والى ذلك أشار ابن عاصم في تحفته بقوله

ووطئ لحرة مغتصبا   صداق مثلها عليه وجبا

ويتعدد المهر بتعدد الوطآت. راجع شرح التسولي ج 2 / ص 672 طبعة دار الرشاد الحديثة.

 أما إطلاق القول بتصديق كل امرآة ادعت على شخص اغتصابها دون قرينة فقد يفتح الباب أمام قذف المحصنين البرآء وتلطيخ سمعتهم وشرفهم  كما قد يتيح الفرصة للمنحرفات من النساء بإلقاء تبعة جريمة الفاحشة على الغير مع كونهن قد يكن مارسنها برضاهن واختيارهن .

كما أن ما ورد في المادة أربعين من وجوب حضور المحامي لمؤازرة المدعية للاعتداءات الجنسية فإن هذا المبدأ لا يختص بالنساء اللائي يتعرضن للاعتداء الجنسي بل هو مبدأ مقرر إجرائيا لكل متهم بجناية حيث يجب أن يؤازره محام للدفاع عنه

المادة : 53 حق المنظمات غير الحكومية( تتمتع كل منظمة تعمل في محاربة الاعتداءات القائمة على النوع ومعترف بها قانونيا منذ خمس سنوات على الأقل بالحق في أن تكون طرفا مدنيا وفي رفع دعوى نيابة عن المرأة في هذا المجال )

في هذه المادة تشريع للمنظمات الأجنبية للتدخل في شؤون مجتمعنا المسلم وتحريض بعضه على بعض وبث روح الكراهية والبغضاء بين مكوناته وإفراده وفي ذلك من الخطورة مالا يخفى على من له إلمام بأهداف هذه المنظمات ومساعيها الخطيرة والخبيثة في إفساد المجتمع وضرب وحدته وتفكيك نسيجه الاجتماعي

كما أن ما ورد في المادة واحد وخمسين من عدم تقادم الجرائم الجنسية فيه فتح لباب الا ثارات ونبش الماضي ورفع دعاوى قد لا توجد لها أدلة  لتقادم العهد ولا تفيد أكثر من إ ثارات البلبلة والشحناء وإذكاء نار الفتنة مع أن دعوى الاغتصاب يشترط لقبولها رفعها فور وقوعه وإلا اعتبرت نوعا من القذف

هذه بعض الملاحظات السريعة على هذا القانون الذي يحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث حتى تتضح جميع جوانبه وما فيه من سلبيات وايجابيات

              القاضي: الشيخ عبد الدايم ولد الشيخ أحمد أبو المعالي

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى