غرامات التأخير إذا كان المصرف لا ينتفع منها ليست من الربا الحرام/د.الشيخ ولد الزين
20 يونيو، 2020
الدكتور الشيخ ولد الزين
الحمد لله وأما بعد…فان التجربة المصرفية الاسلامية تقوم في زمن ضعف الالتزام بالقيم الاسلامية كالوفاء وكثرة المماطلة في الديون و شيوع الاخلال بالالتزامات .
واذا كانت البنوك التقليدية لا تري مانعا من الزام المدين بغرامات مالية جبرا للاضرار التي تقع جراء عدم التزام العميل واخلاله بالاتفاق فان المصارف الاسلامية تكون ضحية في اغلب الاحيان لمماطلة العميل ولا يمكنها الزامه بغرامة تعود عليها
لدخول ذلك في الربا وقد قال تعالي( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
ولقوله تعالي ( ( ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلرِّبَوٰاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِى يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَٰنُ مِنَ ٱلْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوٓاْ إِنَّمَا ٱلْبَيْعُ مِثْلُ ٱلرِّبَوٰاْ ۗ وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلْبَيْعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْ ۚ فَمَن جَآءَهُۥ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِۦ فَٱنتَهَىٰ فَلَهُۥ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَٰٓئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ)
وعلي اية حال فحرمة الربا اجماعية ومما علم من الدين بالضرورة
اذا كان الامر كذلك فلنطرح هذا الامر علي هذا النسق
1- فاما الربا فحرام وهو زيادة في مبلغ الدين مقابل التاخير سواء كان عن اعسار او مطل
2- حبس العميل وعقوبته البدنية لا يودي الي جبر الضرر الحاصل عند المصرف من عدم التزام العميل بالعقد
3- المتعاملون مع المصارف ليسوا سواء منهم من عدم التزامه بسبب الاعسار
4- ومنهم من عدم التزامه مطل غني وسوء قصد ورغبة في الاضرار
5- المصارف ليست هيئات خيرية ولكنها مؤسسات مالية لها دور كبير في الاقتصادات الوطنية
اتذكر ان شيخنا العلامة حمدا ولد التاه. قال لي مرة انه استدعاه. احد رجال الاعمال المشتغلين ببعض التجارب المالية الاسلامية وقال له نحن نريد ان نعمل عملا اسلاميا ولكن كذلك نريد ان نربح !!
أمام هذا الواقع الذي تم سبره نري ان :
– الحالة الاولي وهي الزيادة في مبلغ الدين مقابل تاخيره بما يعود علي المصرف بمنفعة فهذه حرمتها اجماعية وهي مورد النص. في الاية الكريمة وهي ماكان يفعله الجاهلية
قال عبد الله بن الحاج حمي الله الغلاويفي نظم الرسالة
وقد احل الله البيع بيعا اجتبي وحرم الربا وقد كان الريا
للجاهلي في الديون اما قضيت او اربيت لي فعما
2- واما حبس العميل وعقوبته البدنية فجايزة عند الجمهور لكنها تودي الي ضررين فاما الاول فهو منع العميل من تحصيل ما كان لو حصله لامكن من قضاء دينه واما الضرر الثاني فهي لا تودي الي جبر ضرر المصرف لان حبس العميل لا يودي الي قضاء الدين بل قد يودي الي تفويت مصلحة اكثر ..
الذي يظهر والله اعلم أن الحل يكمن في ما عملت به بعض المصارف الاسلامية ويتمثل في غرامة مالية يلتزم بها العميل ولكنها تدفع في صندوق خاص يكون ريعه للفقراء والمساكين و اعمال البر .
يمكن الاعتراض علي هذا المبدا من حيث انه ليس كل عميل سيئ النية وذا كان عدم التزامه عن اعسار فلا تجوز عقوبته
وقد قال تعالي ( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍۢ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍۢ ۚ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)
والجواب علي هذا الاعتراض هو الاخذ بقياس الشبه وهو اعتبار عملاء المصارف محمولون علي الملاء حتي يثبتوا العكس
كما هو حال وجوب النفقة علي الوالدين قال خليل في باب النفقة. ( وأثبتا العدم)
جاء في منح الجليل للحطاب :
( وأثبتا ) أي الوالدان ( العدم ) بضم فسكون أي فقرهما بعدلين إن أنكره الولد ( لا بيمين ) منهما مع شهادة العدلين ; لأنه عقوق ..).
وهكذا فاننا نري جواز التزام العميل بغرامة يدفعها مقابل تاخيره.
وعلي المعسر اثبات اعساره وان عدم التزامه لم يكن عن مطل وسوء قصد. ويكون الاثبات بما تثبت به البينات ..
والله اعلم واحكم. .
الدكتور الشيخ ولد الزين ولد الامام
عضو الهيئة الشرعية للبنك الموزيتاني للتجارة الدولية