قد يكون الصحفي خبرا، و قد يعيش الممثل دراما واقعية، لا تتبعها ضحكات مسجلة سلفا في مسلسل كوميدي، فقد كان مشهدا حزينا والممثل يجلس القرفصاء مصفدا بالأغلال، وكان التفاعل أكثر حتى من الضحكات خلال مشاهدة المسلسل الرمضاني في قناة الموريتانية “شف وگوص”.
يقول الشاعر العراقي مظفر النواب..يسألني: من أنت؟ فخجلت أن أقول له قاومت الاستعمار.. فشردني وطني.
لحظات من الكوميديا السوداء عاشها الممثل خونا دون حوار، أو سيناريو، وهو مصفد في صورة ثابتة، اثارت فضاء السوشيل ميديا الموريتاني، هكذا بالفعل تجسد منظر لا يحتمل لصانع البسمة الصغير “گوص” الذي سبق وأن هاجر للديار الأنجولية، ودولة الامارات العربية بحثا عن تحسين وضعه المعيشي كآلاف الموريتانيين، ولم يحالفه الحظ، وعاد لأرض الوطن ليشارك من جديد في سلسلته الكوميدية شيف وكوص مع الكوميدي الكبير اعمر ولد گي.
القائد “شيف” ليس سوى صورة أخرى لتراجيديا نجوم الكوميديا في البلاد، حيث يعمل غفيرا في مستشفى الصداقة بعرفات مرابطا عند بوابة أحد أقسامه.
يقف الكوميديان “اعمر”عند مدخل القسم كأي بواب ذو ملامح قاسية ووجه خشبي، مؤديا عمله كما يجب، ما دفع إحدى السيدات لتسأله: أعمر لماذا أنت “اكسح من ايده”؟ بعد أن حاولت استعطافه لمخالفة نظام المستشفى والدخول على أحد المرضى في غير أوقات الزيارة.
اليوم يعتقل گوص _كما بدا لنا في الصورة المتداولة_مخالفا للقانون في منطقة عسكرية مغلقة، ولسان حاله كما يقول المثل المصري “ما الذي رماك عل المر قال الذي امر منه”.
نقود قليلة كسبها من سلسلته الكوميدية -التي كاد يسقط في إحدى حلقاتها عل حافة الطريق اثناء تمثيله للقطة التوكتوك_ من مسلسله الرمضاني الفكاهي، وبعد انتهاء العقد، ونفاذ النقود بدأ البحث عن المعدن النفيس كحال آلاف الشباب العاطل عن العمل، والذي جسد صورة مأساوية ورمى بنفسه إلى التهكلة.
صور عديدة للشباب الذي مات تحت الردم، في خنادق “بئر الموت” كما تمسى في الصحراء التي باتت منذ سنوات وجهة الحالمين بالثراء السريع .
كوميديا قاتمة واقعية لهؤلاء الشبان، تعكس صورة هذا الفن الناقد الذي اختار له المخرج الأمريكي ستانلي كوبريك فيلم دكتور سترانج لاف ( Dr. Strangelove) الذي يعد واحداً من الأمثلة الرئيسية للكوميديا السوداء، وكان موضوع الفيلم حول الحرب النووية وفناء الحياة على كوكب الأرض.
التساؤل الأكثر إلحاحا لدى المفجوعين بصورة “گوص” رهين الاصفاد، هو لماذا يقيد هذا الممثل ويترك المئات من السراق “المحترمين”.