هل صمت ولد عبد العزيز لأن في فمه ذهباً/ المامي جدو
20 مارس، 2021
المامي ولد جدو
لقد كانت كلفة الصمت ثقيلة على الرئيس السابق للبلاد حيث أدخل سجنا كبيرا، قيد القضاء حركته وجمدت “أمواله” ، وتم حظر السفر عليه خارج دائرة قطرها 25 كلم في العاصمة ، بل منع عليه التنقل في مساحة محددة داخل الولاية الغربية، وورد اسمه في تحقيق اللجنة البرلمانية بتهم فساد، واستدعي للتحقق لدى شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية مرات عديدة وظل متمسكا بحصانته من المسائلة.
رافضا الإجابة على سؤال(من أين لك هذا؟) أو عن مغارت علي بابا التي جمع منها ثروته القارونية التي ستتضاعف مستقبلا حسب ما قال بلسانه.
واستدعته النيابة العامة للاستجواب ورفض النطق متمسكا بالصمت حيال التهم الموجهة إليه في محاضر الأمن والنيابة وتقرير اللجنة البرلمانية، حيث تتضمن غسيل الأموال وتبديد الممتلكات العامة، والثراء الغير مشروع وغيرها من الجرائم.
من الوضح هنا أن الدولة دفعت الرجل لتجريب كلفة “الكلام”، فلو كانت تخشى “أسراراً” لدى الرئيس السابق لما هيئت له أسباب الحديث وهو يرفض، عكس ما ذهب إليه محاميه الذي كان عليه تذكيره بأن محاضر الشرطة ملزمة له لأن تعديلات قانون المحاماة تلزم المستجوب بحضور محاميه وهو ما يجعل الجهات القضائية تعتبرها أجوبة حتى ولو أطبق فمه.
وتبقى الرؤية المخالفة لمسار المسطرة القضائية ووصفها بالاستهداف السياسي لشخص المتهم الرئيسي محمد ولد عبد العزيز، أو غيره من المستجوبين حقاً مشروعاً للمتضامنين معهم.
إلا أن الواقع يفند هذه الادعاءات، ويؤشر بقاء عدد من المشمولين في ملف العشرية طيلة ما مضى من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في السلطة في مناصبهم السامية، دليلاً ساطعاً على أن الملفات غير سياسية البتة، وأن المحاكمات ليست استهدافا كما يروج لها بعض اقارب المتهمين، في مشهد يذكر بمقولة لرئيس الدولة الراحل اعل ولد محمد فال الذي قال في إحدى خطاباته بأن محاربة المفسدين دفعت عدداً من ذويهم لنحر الإبل أمام السجون تضامناً معهم في إشارة واضحة منه ل”حاضنة الفساد”، وهو ما دفعه لاحقاً لانتهاج سياسة عفا الله عما سلف.
لقد وصف نقيب الهيئة الوطنية للمحامين السابق أحمد ولد الشيخ سيديا المحاكمة بأنها ثورة في حد ذاتها، واعتبر بأنها الأفضل من الناحية الإجرائية، نظراً لآجال القضاء، في حين لوح الاستاذ محمدن ولد اشدو رئيس فريق الدفاع عن المتهم الرئيسي بزلزال سياسي في حال خرج موكله عن صمته.
خلال فصول المحاكمة سرد وكيل الجمهورية سيلاً من التهم الموجهة للمشمولين في ملف الفساد تكاد تصل للخيانة العظمى، إلا أن النيابة الموقرة الوصية على الحق العام طلبت الحراسة القضائية لهؤلاء، وتم إطلاق سراحهم وعادوا لمنازلهم وسط الهتافات، وعللت النيابة قرارها بأنها لا تزال تبحث عن مزيد من الأموال خارج البلاد، وكشفت عن محجوزات قدرت ب41 مليار أوقية قديمة نصيب الأسد فيها يعود لولد عبد العزيز وصهره.
وذيلت النيابة تقريرها بتهديد مبطن لكل من يؤول أو ينشر تعليقاً على تلك الأحكام القضائية بالمتابعة، لكون التأثير على القضاء من قبل الرأي العام أمر مرفوض قانوناً، ولكن تحريك الدعوى كذلك للحق العام أمر مطلوب، والصحافة هي سلطة المجتمع.
لنأخذ أفضل المخارج وهو ما أورده وكيل الجمهورية في بيانه عن احتمال وجود أموال مهربة خارج البلاد أو داخلها لا زالت تحتاج للبحث و التدقيق من أجل وضع اليد عليها، وهو ما تمت مراعاته بأن يكون المشتبه بهم خارج السجون حتى يتم استدعائهم وهم تحت رقابة قضائية بدلا من الزج بهم في غياهب السجون.
إن لهذه الأموال علاقات متشعبة بين جهات عدة، عوضا عن وضع اليد في جيوب الموظفين والطبقة المتوسطة ورجال الأعمال من خلال ميزانيات ضريبية بامتياز قال عنها الراحل محمد المصطفى بدر الدين بأنها جمعت سيئات السياسات الضريبية في العالم.