أظهر بريد الرئاسة عجز الإدارة وسخط المواطن على الموظفين وفاضت منه حسرات فئة من الشعب استطاعت أن تبرق لرئيس الجمهورية وتجد آذانا صاغية، كما قال هو نفسه بكل وضوح، مطالبا الموظفين الفاشلين بالاستقالة.
لقد اقشعر بدن الرئيس لمجرد “حسوة” من هموم المواطن الحياتية، ونماذج بسيطة من سيل الإهانات اليومية لمراجعي الإدارات الحكومية، من اللذين يدورون في حلقة مفرغة من التجاهل والتصامم والبطئ والبيروقراطية حتى وهم يحملون النقود لسداد الفواتير.
ولإصلاح هذا الوضع، فمن المستعجل جداً إعادة التفكير بشكل أساسي في عدد من المشاكل، إذ ينبغي النظر في ابتكار اساليب تساعد في تحسن وضع الإدارة، و لعل من أيسرها تطوير وعصرنة الاستقبال وموظفيه وآلياته في المستشفيات والإدارات والمصارف ومخافر الشرطة… لأن المواطن يحتاج -في غالب الأحيان- لمن يرشده للجهة المعنية بتسوية معاملته التجارية أو وضعيته الصحية فقط لا غير…..
ولم يقتصر ولد الغزواني على وصف الإدارة بالفشل وإنما ذهب حد اتهامها بأنها تستهدف المواطن بشكل مستفز عندما يقوم موظفو شركة المياه بقطع إمداداتها عن المنازل في عطلة الأسبوع كما قال.
إن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني خرج بنمط جديد ينبني على الصراحة والاعتراف بالتقصير والفساد والفقر والعجز في أحيانا أخرى.
و سعيا لتعزيز العلاقة بين الإدارة والمواطن في ترقية الخدمة العمومية في إطار مبدأ الديمقراطية التشاركية التي تقوم على إشراك المواطن في تسيير شؤونه الخاصة، كانت آذان الرئاسة واعينها مفتوحة لشكاوى المواطنين التي جأر بها صندوق الرسائل في القصر الرمادي.
ورغم أن تقريب الإدارة من المواطن كان في صلب خطاب رئيس الجمهورية الغير مسبوق في حفل تخرج دفعة من الإداريين تناول خلاله تفاصيل دقيقة لمعاناة المواطن مع الموظفين المستهترين، خاصة في القطاعات الخدمية الأساسية، وتتمثل أهم المحاور التي ارتكز عليها هذا “التشخيص الرئاسي” لواقع الإدارة في الإقرار الضمني بفشل استراتيجية خدماتي ونظيراتها في المؤسسات وما صاحبها من دعاية إعلامية ونفقات، لما تساهم سوى في تغريب الإدارة.
ولن نتحدث هنا عن الشيء الذي لم يسعه خطاب الرئيس من زبونية ورشوة ومحسوبية تنخر جسم الإدارة الموريتانية، وعن القذارة ونذالة غالبية الموظفين وتغيبهم عن أماكن العمل، والتي “تعزز” من تعطيل مصالح المواطن وتأخر مشاريع الحكومة فتلك طامة كبرى.