المستعرضكتابنا

يعقوب ولد امين أو عمدة نيويورك/ المامي ولد جدو

اثبت البرلماني يعقوب ولد امين خلال الحلقة البارحة أنه لاعب وسط متقدم في “المعارضة التي تسجل أهدافا عكسية في شباكها”، على شاكلة مخترع مصطلح المعارضة الناصحة الذي انتقل من الموالاة إلى الموالاة وحرق وصل الحزب في صفقته السياسية الأخيرة.

حاول الرجل جهده في إقناع المشاهدين بأنه يقف في المنطقة الرمادية، أو دائرة الوسط، ويتقمص دور “الحكم” بين فريقي المعارضة والموالاة من خلال نقد كليهما.

 معتبرا بأنه وقع على عريضة فتح المأموريات من أجل حماية الديمقراطية، وسعى لأن يثبت بأنه يغرد خارج جوقة ولد اياهي و مهرجانات المتباكين على الرئيس الراحل قناعة باحترام الدستور كما ظل يردد دائما.

إلا أن الخرق اتسع عليه، ولم يستطع رتقه، في ظرفية حساسة على بعد اشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية.

والغريب أنه وصف رئيس الجمهورية بأنه يخطط لضرب المعارضة بعد الانتخابات في تصريح مضت عليه مأمورية رئاسية أي في 2014 أيام كان نائبا لولد داداه، وعاد هو لممارسة هواية ضرب المعارضة وكأنه يقول “لا توسخ يدك” سأنوب عنك.

مديح الخسارة الذي بدأ فيه خلال الحلقة المباشرة لم يأتي بجديد بخصوص تبريراته، محاولا ضرب امثلة لديمقراطيات سعت للتمديد كحال مايكل بلومبيرغ عمدة مدينة نييورك الأمريكية الذي قال بأنه تقدم لولاية ثالثة غير دستورية وتم تعديل القانون الناظم لصالحه لأنه يقدم خدمات افضل.

وعوضا عن ذلك تمادى في المبالغة عندما قال بأن الانفلات الأمني في جمهورية مالي كان سببه عدم تمديد المأمورية لرئيسها آمدو توماني توريه الذي أطاح به المتمردون من الجيش  .

ما يمكن قوله أن الفصيل الذي سعى للتمديد لم يحقق حتى هزيمة مشرفة في معركته لتغيير المادة 99، لكن  بعض اعضائه تحلوا بالشجاعة  للقول بأنهم يسعون لدفع الرئيس للترشح، عكس رئيس التحالف الديمقراطي الذي قال بأنه والمكتب التنفيذي كانوا متضامنين من اجل تصحيح الخلل في الدستور ولا يعنيه قبول “عزيز” للترشح من عدمه.

وقد خصص غالبية إجاباته لجلد المعارضة، قائلا بأنها لا تتوفر على مشروع سياسي، و اختزلت نضالها على شخص معين، واتهمها بربط عزوف رئيس الجمهورية عن  الترشح بذلك النضال الوهمي.

وأكد بأن من سيرشحه الحزب الحاكم والأغلبية الرئاسية هو من سيفوز في السباق نحو القصر الجمهوري، مع تشبثه بالمعارضة التي افقدها الثقة والأمل حتى في الحصول على مرشح يخطب ود الناخبين.

وظل يتحدث عن الواقعية السياسية دون تأكيده على دعم مرشح محدد من الأسماء التي برزت حتى الساعة.

وقد كان لافتا أن التلفزيون الموريتاني رفع سقف الحرية في البرنامج، ما جعل الضيف يتحفظ اكثر من صحافة التلفزة الحكومية التي كانت تحبس نسمة الهواء الغير ملوثة بدخان الطاعة العمياء.

السياسي الذي شب عوده في المعارضة الراديكالية استقال بعد أن لمع نجمه خلالها في عملية استباقية لأفول نجم حزب الهلال الذي تنبأ له  شيخ الدشرة أو “الأونكل” صاحب مصنع المعجنات بفشله في الانتخابات بسبب الترهل السياسي.

لذلك وضع –ولد امين- الحزب وراء ظهره، ولملم اغراضه، وتفرغ لتأسيس إطار سياسي جديد اثبت نجاحه في أول اقتراع انتخابي، بعد أن تداعت قلعة “الهلاليين” في الانتخابات التشريعية والبلدية الأخيرة، وخوفا من أن يتحول إلى مناضل شبح يكون اقصى طموحه أن توجه له دعوة للحضور، وتتلاشى من الذاكرة الجمعية زفراته في البرلمان تضامنا مع الاساتذة المفصولين أيام تولي ولد باهية حقيبة التعليم.

تحضرني هنا ذكريات من بعثة للمكتب الوطني للإحصاء وصلت لأحد الأرياف النائية ولم يجدوا العمدة لإخباره بأنهم سيباشرون عملهم، واثناء القيام بعملية أخذ بيانات إحدي الأسر حضر بشكل مفاجئ مستشار بلدي وطلب منهم وقف العمل فسأله أحدهم من انت فعرف نفسه بأنه مستشار بالبلدية فأجابه العداد لو كنت عمدة نييورك لكنت أمرت بسجننا.

ويبدو لي –والله أعلم- أن السؤال المطروح  – حول هوية ولد امين السياسية- بالنسبة لمناصري المعارضة البسطاء “أنت معنا أم معهم”؟

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى