مع انطلاق الحملات الانتخابية تم الزج ببيرام ولد اعبيدي “السياسي الحقوقي” المثير للجدل، في غياهب السجون بعد شكوى من الزميل دده عبد الله على خلفية اتهام بيرام بالسب والشتم والتحريض.
امضى بيرام الحملة الانتخابية صامتا دون مخاطبة الجماهير، واعلن عن فوزه في الانتخابات وهو حبيس بين اربعة جدران، لم ينفق درهما، ولم يشتري ذمما، ولم يشيد سرادقا للحملات الانتخابية، فقط عدة صور مكبرة تم وضعها في بعض دورات العاصمة نواكشوط.
رغم التضييق ومنع الترخيص والسجن المتواصل للمرة الثالثة، ظل بيرام ولد الداه ولد اعبيد يحافظ على ألقه الذي لم يصدأ بين جدران السجن.
و رغم الظروف “غير المنصفة” لحملته الانتخابية ، والتضييقات التي يتعرض لها مع وجوده في السجن استطاع انصاره أن يحملوه لداخل البرلمان، فكان متواجدا في قلوب محبيه، باقيا رغم تغييبه عن ناظريهم.
اجبر بيرام ولد اعبيدي على إطلاق حملته من سجنه بينما منافسوه يتمتعون بكامل حريتهم، ويسخر بعضهم الامكانات الحكومية والمادية الضخمة لإغراء الناخبين.
فقد وعد ناخبيه بالنصر يوم اطلق كلمته الشهيرة “فظمة فسجونكم” ووعد بمحاولة إطلاق الحملة من الزنزانة وبأن يبعث برسائل من السجن لدعم الحملة.
وبالمقابل..بيرام ولد اعبيد الذي ترشح تحت يافطة حزب الصواب سبق له وتمرد على الحزب ذاته بعد توقيع الاتفاق بجملته الشهيرة “ايطير ابعيد” في إشارة إلى رفضه لكل من يحاول ثنيه عن السير في طريقه ومنهجيته لمكافحة الرق بأسلوبه الخاص، أو “تهذيب خطابه”.
فمن سابع المستحيلات أن يتخلى بيرام عن خطابه، لأنه يمثل الغذاء “الروحي” للكثير من انصاره اللذين يبعث لهم الحياة عبر الحبل السري “المشيمة” في شحنة متواصلة من الطقوس التي يصفها البعض بالعنصرية والبذيئة، في حين يرى فيها مناصروه خطابا منصفا لهم، ولا يهتمون لذرابة لسانه، ولا برفع سقف عبارات “التقزيم ” في خرجات زعيم إيرا الذي بات حقوقيا عالميا يتمتع بشخصية كاريزمية، وسبق له خوض الانتخابات أمام الرئيس محمد ولد عبد العزيز وحصل على المرتبة الثانية بتمويل ودعم قانوني من النظام الذي أراد وضع المساحيق على رئاسيات 2014.
الأكيد أن بيرام الذي يتهم بأنه “صنيعة المخابرات” لن يكون من برلمانيي ممارسة هواية الوثب العالي عبر قبة البرلمان، من المعارضة إلى الموالاة لأنه ببساطة صاحب قضية.
وبحجم الاختلاف حول الحركة ورئيسها وقضيتها، كون العبودية لم تعد موجودة في موريتانيا كممارسة بل مخلفات ورواسب غبن اجتماعي وغياب للعدالة، وهو واقع تعاني منه كافة شرائح الشعب الموريتاني، رغم ارتفاع نسبة الوعي وسن القوانين الرادعة من قبل الحكومة الموريتانية.
ومع أن الموريتانيين لا يرون في زعيم ايرا نيسلون مانديلا موريتانيا، لأنه لم يتمثل شهامة “ماديبا” التي تعني “الأم” لفرط حنان العجوز الجنوب افريقي على ابناء بلده بيضا وسودا، حيث عانق جلاديه من اجل التفرغ لمسيرة البناء والتنمية ورمي “آهات” الماضي خلف ظهره، مع أنه لا مقارنة بين موريتانيا وجنوب افريقيا في مجال حقوق الإنسان خلال حقبة نظام “الابرتايد”.
الأمر المثير للجدل اكثر من بيرام نفسه حاليا والذي يطرح عدة تساؤلات.. هل باتت الديمقراطية في موريتانيا شفافة لدرجة نجاح “سجين” في الوصول للبرلمان؟ أم أن هناك طبخة في الخفاء لتلميع صورة الجهة المستفيدة، وتحريك بيادق لعبة الشطرنج في الوقت المناسب؟.
لكن الواقع يقول بأن كل ذلك لن يثني النائب البرلماني بيرام ولد اعبيد عن المواصلة، وسيتحدث هذه المرة عبر فضاء الإعلام العمومي ويتمتع بحصانة برلمانية وجواز سفر دبلوماسي، يتنقل خلاله بحرية بعد خروجه من الزنزانة، ويتمثل لسان حال من صعد “الشجرة” للقضاء عل الاسد المقولة الشعبية “كان اسبع وعاد بمدفع” وللقصة بقية.
المامي ولد جدو