عندما هاجم بنو “تويتر” الإخوانيون الرئيس “عزيز” / المامي ولد جدو

شنت اعداد من الكتاب والمدونين من اتباع تيار الإخوان المسلمين من بني تويتر وفيس بوك هجوما على رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز ردا على تصريحاته الأخيرة خلال مؤتمر صحفي قال خلاله بأن ما فعله الإسلام السياسي في الأمة العربية اكثر مما فعلته إسرائيل.

التوصيف-حسب رأينا- كان لحجم الكارثة والدمار والتشريد وتفكيك البلدان العربية، وترويع الآمنين، وتحكم المليشيات في مصير البلاد والعباد كما هو حاصل في ليبيا وسوريا واليمن.

كل تلك الكوارث كانت بتحريض من تيار الإسلام السياسي (الإخوان المسلمين) اللذين كان لديهم جوع للسلطة ومستعدون لامتطاء اية مدمرة والتعاون مع اية جهة في سبيل الوصول لمقاليد الحكم.

وبالفعل كان التعاون والتنسيق واضحا مع حلف شمال الاطلسي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية لتدمير ليبيا عبر قصف متواصل طيلة سبعة اشهر، وكانت الجماعة الليبية المقاتلة(التابعة لتنظيم القاعدة) تعمل على الارض وقادة الإخوان المسلمين يتولون التحريض والتبشير ب”الربيع” على قناة الجزيرة.

ولا زالت تلك البلدان تأن تحت وطأة (الربيع الإخواني) حتى اليوم، ففي ليبيا -مثلا- رحل القذافي منذ سنوات عديدة في مشهد “ربيعي” وحشي للإجهاز على نفس بشرية، وبعده عادت البلاد لحقبة الإستعمار، و تقسمت  لثلاثة حكومات حكومة الثني في الشرق، وحكومة الانتداب او الوفاق، وحكومة (الاخوان) برئاسة لغويل، في مشهد يصور الاقاليم الثلاثة التي كانت تتحكم فيها امريكا بطرابلس، وبريطانيا في إقليم برقة، وفرنسا في إقليم فزان بالجنوب، وهي القواعد العسكرية التي طردها القذافي بعد ثورة بيضاء في 1969.

هذا الواقع المؤلم دفع الليبين لأن يطلقوا مثلا يقول”على قدر سلاحك مد رجليك” وهي مقولة ميليشياوية تؤكد بان المليشيات المسلحة هي التي تتحكم في المشهد السياسي على الأرض.

لقد هاجم أنصار الإخوان من كتائب “تويتر” وفيس بوك، تصريحات الرئيس، عزيز، لكنهم سيجرون أذايل الخيبة، لأنه سبق وهاجمت حركة حماس الاكثر مصداقية من الكثيرين منهم، موريتانيا باتهامات زائفة اطلقها موسى ابو مرزوق في تغريدة على حسابه بتوتير ، وجاء قادتها للاعتذار في مقر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية وكنت حاضرا لتصريحات سامي ابو زهري مسؤول الإعلام بالحركة وهو امر مقدر بالنسبة لنا كموريتانيين ان لا تغفل حركة حماس والفلسطينون عموما ان النظام الحالي قطع بشكل نهائي علاقات لم يبدأها مع الكيان الغاصب وبشكل نهائي.

ما فعله الرئيس محمد ولد عبد العزيز في 2010 كتب بمداد من الذهب تاريخا ناصعا في رفض العلاقات المشينة مع الكيان الصهيوني، حين بدأ الأمر بتعليق العلاقات في قمة الدوحة احتجاجا على مجازر الاحتلال ضد قطاع غزة، وكان بإمكانه إبقائها حفاظا على مصالحه كسلطة قادمة من انقلاب عسكري ترغب في تشريعه ويمكنها الاستعانة باللوبي اليهودي لتسويق السلطة الجديدة عالميا، ولكن انحياز الرئيس محمد ولد عبد العزيز للشعب وللضمير كان اكثر جذبا له، وكانت بوصلته وطنية بامتياز.

ألم يكن بمقدوره الإبقاء على تلك العلاقات كما فعل الرئيس المنتخب محمد مرسي في مصر عندما قال بان هذه العلاقات سبقته؟ واكد “الكتاتني” لوليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الامريكية انه في حال وصل حزب تيار الإخوان المسلمين للحكم في مصر، فلن يمس اتفاقية التطبيع “كامب ديفيد” أو إسطبل داوود، ولن يطرد السفارة الإسرائلية.

والغريب انه في عهد مرسي سارت مظاهرات وصلت لمحيط السفارة الإسرائيلية في القاهرة تطالب بقطع تلك العلاقات ولم يتم قطعها حتى اليوم.

وسواء كانت خطوة قطع العلاقات الموريتانية الإسرائيلية من أجل اموال “القذافي” رحمه الله او دعمه كما يقول البعض، فما  هو مؤكد أن أموال اللوبي اليهودي و من يدور في فلكه اكثر بكثير، وتموقعه في العالم وسيطرته على قرارات الدول العظمى والامم المتحدة والمنظمات الدولية أكبر .

ما ينبغي التأكيد عليه ان تواصل مكون وطني ولكنه يصدر من مشكاة خارجية وفكر دخيل ومدمر رغم انني لست من دعاة الحل ولا اعتبر ان فيه الحل كما يروج البعض.

 وارى بأن التعايش افضل للطبقة السياسية كما قال عبد الفتاح مورو نائب رئيس حركة النهضة التونسية ضمنيا عندما دعا حزب “تواصل” خلال مؤتمره الاخير للالتفات للقضايا الوطنية والشأن المحلي، وتساءل عن العلم الوطني الذي كان محل جدل حينها بعد التعديلات الدستورية.

وقال لاحقا بأن قادة الحركة الإسلامية قد يحتاجون إلى وعي سياسي في بعض الأحيان.

 مقارعة الافكار التخريبية، والحماس للتدمير كما فعل هؤلاء خلال حقبة “الربيع العربي” الذي لا زالت الأمة تدفع فاتورة باهظة لويلاته، هو ما يجب التحلي به، وهو ما ثبت بعد فشل هؤلاء في محاولتهم استيراد ربيع الجدب والموت للداخل الموريتاني.

فحزب “تواصل” كان يهاجم نظام ولد الطائع بسبب العلاقات المشينة مع إسرائيل وعندما وصل قادته للبرلمان تناسوا أن الحكومة التي شاركوا فيها ترتبط بعلاقات مع الكيان الصهيوني، وذهبت تضحيات الشباب المورتياني -الذي سحلته الشرطة في مظاهرات ضد التطبيع وضد زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي لنواكشوط- ادراج الرياح.

ورئيس حزب تواصل الحالي محمد محمود ولد سيدي كان وزيرا للتعليم وللخارجية بالإنابة في حكومة مطبعة مع الكيان الصهيوني.

ورئيس الحزب السابق محمد جميل ولد منصور قال بأنه لن يناقش ملف قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني تحت قبة البرلمان إلا في حال قررت الحكومة ذلكَ!

أما بخصوص المكاسب السياسية التي حققها حزب تواصل في انتخابات سبتمبر 2018 فقد شكلت تراجعا عن انتخابات 2013، وجاءت كسابقتها  على عربة تحمل القمح والشعير، والماء والالبسة المستعملة، اي عبر بوابة الخدمات الإجتماعية التي تؤديها جمعيات تابعة للحزب وتحمل شعاره في مجال الصحة والإغاثة الاجتماعية والتعليم،في خلط  سافر للقيم والمفاهيم بين العمل الاجتماعي والخيري، والعمل السياسي.

الامر الأكثر فظاظة من ذلك هو استغلال  المنابر الدينية للسياسة، وتوصيف الحزب كحزب “إسلامي”، وكما قال مرشد الإخوان في تونس السيد راشد الغنوشي بانه على الحركات الإسلامية ان لا تفرح كثيرا بفوزها في الانتخابات، لأن من صوت لها هم “الغثاء” الذي يحمله السيل ولا يمثل ثقلا انتخابيا، وتحركه عواطفه نحو الميول للخطاب الديني، وهو ما يجيد هؤلاء استغلاله.