يبدي بعض شباب مقاطعة كوبني هذه الأيام استياءه مما تشهده المقاطعة من تهميش إن لم نقل عدم رد للجميل لهذه المقاطعة التي ظلت وفية لهذا النظام منذ وصوله إلى دفة الحكم بدء بدعم حركته التصحيحية و مرورا بكل ا استحقاقاته و تغييراته الدستورية، و انتهاء بتبني مرشحه لرئاسيات 2019 .
و الغريب في الأمر أن هذا الدعم كله يأتي تلقائيا و وفقا لقناعة أطر و وجهاء و جل ساكنتها دون أن ينتظروا دعوة لذلك، و كان هذا الوفاء و الدعم اللامشروطين سببا في تطاول بعض الأطر من خارج المقاطعة على أطرها و ادعاء قواعد بها،
قبل أن يتأكد النظام من زيف ذلك الادعاء.
ولم يقتصر أطر و ووجهاء و أعيان مقاطعة كوبني على حشد الأصوات في كل المناسبات بل بذلو الغالي و النفيس، و قارعوا الخصوم بوسائلهم الخاصة نيابة عن الحزب الذي لا يستحي من أن يأتيهم بمرشحين لا يمثلون إرادة الساكنة، و يكون إنجاحهم عبئا على أطر المقاطعة كما حدث خلال الاستحقاقات الماضية .
تحمل هؤلاء الأطر ذلك لأنهم يعتبرون أنفسهم جزء من النظام، و أن مسؤوليتهم تتطلب منهم ذلك بغض النظر عما يحسونه من تقصير اتجاههم بشكل خاص و اتجاه المقاطعة بشكل عام..
قبيل الاستحقاقات الماضية جاء الانتساب للحزب و تجديد هيئاته و كأن النظام يريد أن يعرف قواعده و من يعول عليهم في هذه الانتخابات و بذل الأطر – كعادتهم- الغالي و النفيس من أجل تمكين ساكنة المقاطعة من التعبير عن انتمائهم للحزب و ولائهم للنظام، فاستطاعوا بذلك المشاركة في مؤتمره العام المنعقد يوم أمس ب43 مندوبا أي ممثلين عن ما يزيد يربو على 21 الف منتسب.
لكن هذا العدد لم يشفع للمقاطعة في ولوج لجنته يوم أمس رغم أنه يفوق سكان بعد الولايات الحاضرة بشكل كبير في المشهد السياسي و الحكومي..
و اما التعيينات التي يتساءل عنها بعض شباب كوبني فأقول لهم إننا لم نسلك الطريق المؤدي إليها بعد ، حيث اذا ما قمنا بتتبع هذه التعيينات نجد أصحابها إما أحد الأقارب، و إما مغاضب انتقم لنفسه خلال الانتخابات و مرغ انف الحزب في التراب، و إما شخص شب و ترعرع على معارضة النظام، و تصيده النظام على حين غفلة من المعارضة، او إثر خلاف داخلي فعينه..
و هذه الطرق أولاها لم نحظ بها، و ثانيتها لم تكن ترضاها ضمائرنا، و أما الثالثة فلم نقتنع بها أصلا.
و عوضا عن ذلك كله لم يبق لنا سوى تمثل قول الشاعر:
و لقد أبيت علي الطوى و أظله حتى أنال به كريم المأكل.
وقد يصفنا البعض بالسذاجة اذا كان كل هذا الحديث اليوم عن مقاطعة كوبني سببه عدم تمثيلها في اللجنة المؤقتة لتسيير حزب الاتحاد من اجل الجمهورية، لكن نقول لهؤلاء أننا لسنا كذلك لأننا كنا نكمم افواه الساكنة حين يتحدثون عن العطش في القرى، و ملوحة الماء و ندرته في مدن و أرياف .
و كنا نكبح جماح الشباب المتذمر و المتطلع للتوظيف و التشغيل، و نمنيهم بغد أفضل اذا هم سايرونا و دعموا مرشح حزب الاتحاد ، و كنا نتكتم علي إقصاء متقاعدي المقاطعة، و وجهائها و اعيانها و منتخبيها القدامى من الامتيازات السخية و المعتبرة كالمجالس والإدارات ، المكلفون بالمهام ، المستشارون بالرئاسة و الوزارة الأولي و باقي الوزارات الأخرى ، و رخص الصيد و الصفقات …… و غير ذلك .
مما نشاهده يوزع بسخاء من امتيازات لأشخاص تكتظ مقاطعتنا بأمثالهم، ان لم نقل من هم أكثر منهم كفاءة و جدارة بهذه المكافئات، و مما يؤكد لنا ان هذا الإقصاء ممنهج و مقصود هو أننا نطرح هذه المطالب كلما سنحت الفرصة لذلك، حينما تكون المقاطعة موضع زيارة لوزير أو إدارة حملة.
و كان آخر هذه الرسائل هو ما جاء علي لسان اكثر من متدخل في مهرجان رئيس الجمهورية بمدينة لعيون خلال حملة الانتخابات الماضية.
إلا أن غياب المقاطعة عن هذه التشكيلة رغم انتسابها في هذا الحزب بما يناهز جميع مسجليها على اللائحة الانتخابية كان بمثابة رسالة لمقاطعة كوبني مفادها : “صحيح أنكم خزان انتخابي يعول عليه لكن المناصب لأناس آخرين قد لا نكسب أصواتهم بدونها” فكانت هذه الرسالة مدعاة و مفجرا لهذا الحراك الذي كنا نحن المسؤولين عن انطلاقته لكن النظام وحده هو المسؤول عن إيقافه.
محمد الأمين سداتي