كتابنا

الدكتور حماه الله و القس جونز../صلاح الجيلي

 في عام 1978 قام القس الأمريكي جيم جونز بإقناع طائفة كاملة تتبع له بأن تحقن نفسها بسم اسيانيد الممزوج بعصير العنب لتموت انتحارا ، بعد ما اكتشف أن المجتمع المثالي الذي أراد أن يؤسس له و الذي تسوده المحبة و التعاون و تنعدم فيه المظالم الإجتماعية محض كذبة لن توجد في أي مجتمع بشري و قد أسمى ذلك الفعل بالإنتحار الثوري ، حتى أنهم حقنوا الأطفال أولا حتى يموت الجميع في وقت واحد ، فمات أكثر من ألف شخص اقتناعا بفكرته . ليلة البارحة حمدت الله كثيرا بعد قرائتي لمقال الدكتور حماه الله السالم ، إذ وفقه الله ، فتحاشى إقناعنا بالإنتحار ، و لا أعتقد أنه تبقى له غير ذلك ، و إذ لم يفعل ، أرجوا منه و بإلحاح شديد ، أن يكتب لنا في مقاله القادم عن سبل الإصلاح ، كيف استطاع أن ينجوا بنفسه من مجتمع كهذا و كيف استطاع أن لا يتأثر بالعدوى و هو يتنفس معنا نفس الهواء ، و كيف لعشرين سنة درس فيها في الجامعة ، لم يستطع أن يكون قدوة لطلابه كما أشار في مقاله آنف الذكر فيتأثروا به . الإنسلاخ من مجتمع ما ، و الإنفراد باكتشاف عيوبه ، هو دليل راسخ على فشل الفرد في أن يأثر ، خاصة إذا كان في مكان قابل لنشر القيم و تعميمها و تبديل الأنماط السلبية بأخرى أكثر نفعا ، مثل الجامعة ، موريتانيا كمجتمع ليست سيئة لهذا الحد أبدا ، لكن فشل الدولة منذ الإستقلال و فشل الحكومات و انتشار فسادها ، ضرب أمثلة غاية في البشاعة لأفراد المجتمع ، فحاميها حراميها ، مثال بسيط ، على أن كل شيئ مباح و كل سيئ مقبول ، أما الإطاحة بمجتمع كامل في لحظات كتابة منفعلة فليس حلا يمكن أن يقنع إلا من تعتريه نفس حالة الكاتب .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى