المستعرضكتابنا

كلمة من سيد أحمد خير من صك بنكي …/ المامي ولد جدو

كان أحمدو ولد سيد ألمين قبطانا بحريا لكنه صعد بأخلاقه إلى السماء، واليوم تبكيه مآذن الصين ومحاظر موريتانيا ومعاهد القرآن فيها، و لعلها جملة غريبة أن تنوح مساجد الصين في مدينة “اي يو” الصناعية التي اعتادت على أبخرة المصانع وضجيجها في شرق الأرض، رجلا من بلاد الملثمين جاءها طالبا مغتربا وتخرج منها قبطانا وجسد في البر مقولة أن لا رجال إلا رجال البحر، حيث أقام بالصين تاجرا منفقا على الإسلام والمسلمين، وقد كان واسطة العقد ولؤلؤته وكأن أبن الرومي يرثيه عندما نعى ابنه الأوسط بقوله

توخى حمام الموت أوسط صبيتي .. فلله كيف اختار واسطة العقد

كان يأكل دق الطعام وينفق مما عنده، و ليس عجبا لنا كل ذلك وما بعده بحول الله لأننا نعلم أنه ابن ابيه الزاهد الرجل صالح الذي ينسى خفيه عندما يسمع المنادي حي على الصلاة مجيبا لنداء الداعي للصلاة لأن قلبه تعلق بالمساجد وبات احد عمارها العابدين الصامتين الزاهدين، فكان مؤمنا بقضاء الله رغم قلبه الصديع ومصابه الجلل.

 حدثني أحدهم أن الراحل الباقي بذكره الطيب اكترى مسنة من الصين تعمل في تنظيف مكتبه، وقال لأحد الموريتانيين زاره في المكتب اترى هذه السيدة ضاعفت لها الراتب عندما علمت بأنها من أسرة ميسورة لكنها دخلت الإسلام ولا تريد أن تحج من اموال ابنائها ولذلك عملت في المكتب وتدخر اجرها لتكاليف الحج.

واتذكر هنا أحد الطلاب.. حدثني أنه رافقه في سوق بمراكش وصعد معه لبازار تاجر مغربي وكاد الرجل يغمى عليه فرحا عندما رآه وبدأ يمسح الارض من تحته وهو يتواضع حتى تخال المغربي هو الدائن وليس المدين، وعندما سأله اجاب بأنه سبق وضمن عليه بضاعة من الصين ولم تكن له به سابق معرفة سوى انه تاجر مسلم، وتلك حال “أدو” مع اليمني والأذري والتركي والشامي والأفريقي، لذلك فاز بالتزكية رئيسا للتجار العرب في الصين، واختير أفضل تاجر ثقة في إقليم جيانغ الصيني عن جدارة واستحقاق وبنقاط بعيدة عن أقرب المنافسين من شرق آسيا.

حدثني أحدهم انه تنقل 1200 كلم لغسل جنازة رجل موريتاني ودفنه حسب الشعائر الإسلامية بعد أن اودع في ثلاجة بمستشفى صيني، وكان مصيره الحرق كما هي عادتهم هناك.

عندما تراه تخاله رجل جاء لتوه من قرية اكجرت لم يتجول في أركان الأرض ويخالط أمما وشعوبا، لا لشيء سوى بساطته وتواضعه ودماثه خلقه، لقد اعطاه الصينيون بضائعهم بسخاء واكتفوا بأن يقول الشخص أنه جاء من عنده.

يقول البشير ولد سليمان في تواضع الفضلاء:….كنت أنا وسيد أحمد قبطانين حيث تخرجت طيارا، وتخرج قبطانا بحريا وكنت أقول له نحن أهل السماء وانتم أهل البحر لكنه كان أقرب مني إلى السماء بأعمال الخير..”.

فتح سيد احمد مؤخرا حسابا على الفي سبوك لكنه لم يدون كلمة أو منشورا وإنما صورته فقط ليكون حسابه الافتراضي أبيض ناصعا، كما هي أياديه البيضاء الندية، يكفكف دمع اليتيم، ويكفل الآيامى والأرامل والمعوزين، ويتحمل مصاريف طلاب القرآن، ويتعهد المحاظر والكتاتيب،  ويوزع البشاشة إينما حل وارتحل، حتى أن الصينيين أعطوا سلعهم لمن يزكيه من التجار مقابل كلمة من سيد أحمد ولد سيد ألمين، لأنها كما يقول تجار الصين خير من صك بنكي وألف ألف عربون..

لم يسر فقيدنا على طريق الحرير في الصين، وإنما سار على طريق الاستقامة والنزاهة والصدق في المعاملات.. كان تاجرا صدوقا وقل ذلك، وكان رجلا نبيلا بعد أن كادت الأمانة والصدق يرفعان من الأرض ويصعدان للسماء كما صعدت روحه الطاهرة ..

كنت أول من علم بالفاجعة.. و آخر مرة آراه فيها كان يحث الخطى نحو المسجد السعودي عصرا، وكانت أول مرة أدخل منزله العامر معزيا اليوم ..وقد (قل بين المهد واللحد مُكثه) لكن عمره كان عريضا على رأي الشيخ حمدا ولد التاه.

المامي ولد جدو

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى