المستعرضكتابنا

أوراق الهوية بين ولد صلاحي ومغتربي بلاد الغال/ شيخنا ون

إن إعادة النظر في عملية اثبات الهوية والوثائق المطلوبة لتأمينها، من قبل الرعايا الموريتانيين في الخارج أمر يصعب تنفيذه، لأن معظم هؤلاء ليست لهم نفس الظروف كتلك التي يتمتع بها الموريتانيون في الداخل.

فمن الصعب ان يتوفر المغترب على كل الوثائق المطلوبة منهم لإثبات هويتهم الموريتانية، وبالتالي انتمائهم لبلدهم الأصلي وحصولهم على حق المواطنة الكاملة.

 فمثلا كيف لمن يعيش هنا –في فرنسا- أن يطالب ببطاقة امه وابيه او شهادة وفاة لأبويه، وأن يحضر احد إخوته وإن كان وحيدا  فأنى له  ذلك؟

كما هو حال الموريتانيين اللذين قدموا من ليبيا وسوريا وغيرهما، فهذا عبد الله ومن على شاكلته موريتانيون ولدوا في ليبيا وتمت عملية الاحصاء آنذاك وهم خارج موريتانيا حيث اختلت اوراقهم الثبوتية بفعل عدم مهنية بعض موظفي الوكالة، وعندما عادوا أثثناء الحرب الليبية ، إذا بهم لا يمكنهم ان يحصلوا على جوازات سفر بسبب ذلك الخلل، وبدا كأنهم فروا من رحى الحرب إلى وحشة السجن، حيث لا يمكنهم استعادة ارواقهم من ليبيا التي لا زالت الفوضى تعمها.

ناهيك عن محمدو ولد صلاحي الذي تورطت اجهزة الدولة في محنته -و التي من المفروض ان تحمي كافة ابنائها في الداخل والخارج،وبدلا من ذلك سلمته إلى سجانيه في معتقل غوانتانمو الرهيب- و إلى حد الآن لم يحصل علي اوراقه الثبوتية، رغم ان الدولة هي المسؤولة عما حدث له، وليس من شيمنا كموريتانيين ان نطالب بالتعويض عن التعذيب ،وقد قالها هو صراحة “عفا الله عنكم فقد عفيت”، ولكن ذلك لا يمنع صاحب الحق من جميع حقوقه، عوضا عن تلك السنين التي ضاع خلالها جزء من حياته ، بل حياته كلها ذهبت سدي، لأن تلك سنوات الجمر تلك كانت زهرة شباب محمدو ولد صلاحي.

لا انكر أن مشكلة ذلك السجين الغريب في وطنه الآن، قائمة كمشاكل أصحاب الهوية المفقودة من المقيمين في فرنسا وغيرها من بلاد الله، فهل تتحملون مسؤولية ضياعهم وضياع أبنائهم من بعدهم.

وأنا هنا لا أحمل الدولة الحالية مشكلة صلاحي لكنني أحمل الدولة كمفهوم عام لا تتقادم مسؤوليته تجاه مواطنيه، ولكن المشكلة الأساسية تكمن في السماسرة في بعثاتنا الدبلوماسية اللذين عاثو فسادا في الحالة المدينة قبل وجود النظام البيومتري المتطور الذي هو مكسب للوطن دون شك، وهي المكشلة التي لا زال  الموريتانيون يعانون بسببها من الاقصاء نتيجة تلك الأخطاء الجسيمة والغير مبررة والكارثية أحيانا.

وبفعل حكمتكم ورشدكم ،ارجو من الله العلي القدير ان يوفقكم سيادة الرئيس في اعادة النظر للوحدة الوطنية –من هذه الزاوية- واعادة الجلوس على طاولة المباحثات والحوار مع كل الاطياف السياسية والحقوقية- وان يقوم كل طرف بإلغاء ما يراه الجميع خطيئة وعنفا في خطابه الحقوقي أو السياسي ، سعيا للتوصل إلى أمر يخدم كل الطيف الوطني.

وبتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل مأموريتكم هذه، لتكونن اكبر انجاز يسجله لكم التاريخ ، بعد ما شهد التاريخ بإنجازات عديدة في موريتانيا، يقول الرسول صلي الله عليه وسلم “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” .

فحل هذه المشاكل سواء في الداخل منها او في الخارج لن يتطلب منكم جهدا كما تطلبتها انجازاتكم.

وما أود تأكيده بهذا الصدد أن ما اكتبه  ليس لمآرب شخصية تتعلق بي، أو بأسرتي، وإنما لإنصاف اولئك الموريتانيين المقيمين، واللذين يكادون ان يكونو في فصل عنصري في الغربة “ابرتائيد”، ومما زاد الطين بلة أن دولة الإقامة  اصبحت تمنح معظمهم إقامة لا تتجاوز صلاحيتها ثلاثة اشهر فقط بسبب النظام الذي اقرته حكومة ساركوزي.

وفي ظل الاوضاع الراهنة المحيطة بموريتانيا والتي تراود فيها التيارات المتطرفة ذات الاجندة المصرية والمحسوبة علي “القطبيين والبنائيين” في مصر، والمد الرافضي الصفوي القائم على سب وشتم الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم،والتي تضرب موريتانيا من الشمال، ودعوة العلمانيين باسم دعاة التنوير، وقرع طبول الانفصال في الداخل، بعد ان قرعتها الحركات المطالبة بالانفصال في الخارج، كلها أمور تجعل السير  حثيثا لتوطيد اللحمة الوطنية و تحقيق العدالة الاجتماعية أمرا ملحا، يجب أن يكون عنوانا للمرحلة الحالية، كما كان التشييد والبناء عنوانا المراحل السابقة.

واعتقادا مني في نواياكم الصادقة -سيادة الرئيس- وروح العمل والبناء والصدق تجاه مواطني بلدكم، ، وهي الروح التي تجسدت  في العزيمة لبناء الوطن من بني تحتية  كالطرق والمدارس والجامعات والمستشفيات والمطارات…سيكتمل كل ذلك بإِشراك الجميع في الحوار كما عهدناكم، ما سيُمكن من الدفع باللحمة الوطنية قدما، ويعزز أواصر القربي بين الموريتانيين في الداخل والخارج.

 شيخنا وان باريس

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى