فيستويت

خطرالفتوى بين التساهل بها وفيها

طلب مني البعض أن أكتب شيئا عن الفتوى،فقلت:إني أخاف الله رب العالمين،قال وما علاقة هذا بذلك؟
قلت: الفتوى وظيفة الأنبياء،وأجل ماورثه العلماء،والمفتي موقع عن رب العالمين،وفي ذلك من التشريف والتكليف ما لايخفى،كما قال العلامة ابن القيم: “إذاكان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله،ولايجهل قدره،وهو من أعلى المراتب السنيات فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسماوات”.
و لابد لها من معرفة “الواجب والواقع”
والناس في معرفة الواجب والواقع على أقسام:
القسم الأول: يعرف الواجب ولايعرف الواقع
والقسم الثاني: يعرف الواقع،ولايعرف الواجب
والقسم الثالث: يعرف الواقع والواجب،ولكن إذا أراد تنزيل الواجب على الواقع لم يستطع،لعدم معرفته بآليات تنزيل الأحكام على الوقائع
والقسم الرابع: يعرف الواجب والواقع، ولديه معرفة تامة،بآليات تنزيل الأحكام على الوقائع.
وهذا الأخير إن بذل صاحبه الجهد وأخلص النية قد يصيب وقد يخطئ،فإن أصاب فله أجران،وإن أخطأ فله أجر اجتهاده.
و هذا بشرط الأهلية العلمية،
والأهلية لها طرفان:
الأول: على نحو ما قيل عن مالك:والله ما أفتيت حتى شهدا*سبعون شيخا أنني على هدى.
وهذا الطرف الأعلى به علماؤنا الكبار وقد أفتوا بما علمتم
والطرف الثاني: لعله على نحو قول العلامة سيدي عبد الله رحمه الله”والعلم بالصلاح فيم قد ذهب”أوعلى نحو تطفل “سخيلة”وهذا لا يلجأ إليه مع وجود الأول.
قال: إني لأرى الناس يفتون في كل مستجد،ولم يشترطوا ما اشترطت?
قلت: أولئك لم يعلموا: “أن الفتوى رخصة من ثقة، أما التشدد فيحسنه كل أحد”
وأن الفتوى قضية مركبة،تبدأبدراسة الواقعة وما تتطلبه من تشخيص وتكييف،وصولا إلى مرحلة البحث عن الحكم الشرعي، وماتسدعيه من استعراض مصادر التشريع (الأدلة) وانتهاء بمرحلة تنزيل الأحكام على الوقائع، وما يتطلبه ذلك التنزيل من تحقيق مناط، ونظر في مآل،ومعرفة بفقه الواقع المحيط بالنازلة،وما يعنيه ذلك من مراعاة تغير الفتوى بتغير الزمان، أوالمكان، أوالضرورة أوالحاجة، أوحتى قسمات وجه الشخص السائل عن المسألة إلى ذلك من موجبات تغير الفتوى.

اظهر المزيد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى