المستعرضغرافيتي

ولد محم “بيدق” الرئيس المظفر أم زعيم سياسي خارج الظل؟

رؤيا بوست: تنحى سيدي محمد ولد محم عن رئاسة الحزب الحاكم في موريتانيا يوم أمس خلال المؤتمر العام دون إشهار “الكارت الأحمر” كما هي عادة رؤساء الأحزاب العربية، فقد بات من المؤكد أنه لن يسدل الستار على الحياة السياسية للوزير الشاب، لأنه لا يحاول النجاة من مركب غارق، ولأنه أحد أبرز الشخصيات السياسية التي عرفتها البلاد في العقد الأخير.

معالي الوزير سيدي محمد ولد محم

عقد المؤتمر الذي تم تأجيله لأكثر من مرة  في ظرف حساس سياسيا وعاطفيا بالنسبة للبلاد، وللرجل الذي يوصف من منتقديه بأنه يبالغ في الإعلان عن ولائه لرأس السلطة، و لا يترك مناسبة إلا ويعبر فيها عن كونه السياسي المخلص للرئيس “المظفر”.

ذلك أنّه يقبل أن يكون رجل المهمّات الصعبة، الذي تنقل من منصب لآخر وكأنّه بيدق بيد الرئيس “عزيز” ، إلا أن المناصب  التي تقلدها اكسبته الإعجاب، لأنها بكل بساطة رفيعة ومغرية، و تؤكد بأنه جزء أصيل من النظام الحاكم.

هكذا علا نجمه بشكل لافت وثابت في مقاليد السلطة الحالية، بعد أن جعل من الأغلبية بشكل عام إطارا حزبيا يساند توجهات الحكومة، ويدعم مبادرات الرئيس، وبسبب حصاد انتخابي غير مسبوق للحزب الحاكم في الانتخابية التشريعية والبلدية والجهوية الأخيرة.

فطوال مسيرته ظل مستلهما لما يقول بأنه فكر وقيادة رئيس الجمهورية ، واسندت له حقيبة الإعلام والاتصال في اقصى درجات الاستقطاب السياسي الداخلي حدة، والتوتر الإقليمي البالغ التعقيد.

و تسلم زعامة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية لخمس سنوات خلت، ما جعله يمسك بالذراع السياسي وأحد أهم دواليب الحكم باقتدرا ،طيلة فترة قيادته التي خاض خلالها معارك سياسية استخدمت فيها جميع الوسائل، بما فيها الضرب تحت الحزام، من أقرب أركان الموالاة والحزب ذاته، وظل يمتص الصدمات حتى عبر بالسفينة للمرفأ الآمن.

اليوم يتنحّى السياسي المفوه عن رئاسة الحزب في ظرف بالغ الدقة سياسيا، ولم تخنه فصاحته -رغم الحزن الكامن- في أن يرسم بكلماته ملامح الثقة على مستقبل حزب قاده في أصعب وأدق مراحل إعادة هيكلته، كمؤسسة سياسية تحوز على نصيب الأسد من الخارطة الانتخابية بالبلاد بل تهيمن عليها بشكل شبه كامل.

وسلّم الرجل منصبه في المؤتمر العادي الثاني للجنة مؤقتة في ظل تكهنات عن الخليفة المرتقب لملئ فراغ كبير تركه رجل يتمتع بثقافة عالمة وقدرة كبيرة على الخطابة ورصيد من الخبرة في شعب ودهاليز سياسة البلاد، وذلك تمهيدا لانتخابات رئاسة الجمهورية رفع خلالها يد مرشح الموالاة بروح عالية أمام المؤتمرين.

وفي كلمته الافتتاحية أكد بأن الحزب وصل لمرحلة اكتمال تنصيب كافة الهيئات القاعدية مسديا شكره لمناديب المؤتمر العام اللذين تحملوا مشقة السفر للحضور من كافة أرجاء الوطن، وبالوفود من البلدان  الشقيقة من المملكة المغربية والسنغال وبوركينا فاسو والنيجر وخاتمة العقد من فلسطين داعيا للوقوف تحية لصمود الشعب الفلسطيني”، ورحب بالوفد الكوري الشمالي الذي يمثل حزب  العمل الحاكم في جمهورية كوريا الشعبية.

وتابع:”.. أرحب ترحيبا خاصا بمرشحكم معالي الأخ محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني وادعو لإصدار ملتمس تأييد لتبني دعمه ومساندته”.

وقال بأن المؤتمر فرصة سانحة لشكر كل رؤساء الحزب السابقين بدءا بالرئيس المؤسس فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز بما حقق على أرض الواقع وصاغ ووجه، واشاد بقيادته الرشيدة والراسخة والفعالة كما جاء في كلمته المرتجلة..

وكان من الواضح بأنه كثّف اتصالاته مع جميع الأحزاب السياسية المُمثلة في البرلمان، خلال فترة التحضير، وهو ما اكده تواجد أبرز أحزاب المعارضة بشقيها، تأكيدا على مكانة الرجل في المجتمع السياسي الموريتاني بمختلف أطيافه ومشاربه..

وتابع: “أوجه دعوة صادقة للحفاظ على ما تحقق وعليكم أيه الاتحاديون أن ترفعوا رؤسكم عاليا لما حققنا وما انجزنا وبما وعدنا وصدقنا”. “..

وقد خلفه الوزير سيدنا عالي ولد محمد خونا مؤقتا في مهمة إدارة شؤون الحزب مع لجنة تتألف من عشرين عضوا، إلى حين اختيار رئيس جديد بعد الانتخابات لن يكون سوى رئيس الجمهورية الحالي محمد ولد عبد العزيز مؤسس الحزب..

المؤكد أن وصول الحزب لمرحلة “تسليم اللواء” أبانت عن نجاح عملية إعادة البناء، وتسيير الخلافات الحزبية خلال الانتخابات التشريعية الأكثر صعوبة و ضجيجا واحتجاجات وصلت لحد رفع لافتات وشعارات مناوئة أمام بوابة المقر الإجتماعي للحزب، وذلك بحكم صعوبة إدارة التوازنات القبلية والشرائحية والمناطقية، لكن ممتاليات الاحداث اظهرت بأن قيادته تتبع أسلوبا سياسيا يساهم في توحيد كافة شرائح المجتمع السياسي من الحزب ومن الأغلبية، وبرعت في امتصاص صدمات النقد والتجاوز الشخصي بحقها أحيانا.

كما تحلى رئيسه بالقدرة على الاستيعاب كزعيم سياسي سمح للجميع بالتعبير الديمقراطي بالنقد والتصويب والإشادة مستغلين سعة الصدر والأناة، رغم بعض ردات الفعل العابرة، حتى وصل الأمر لإفساح المؤتمرات واللقاءات لجوقة من المهرجين.

ويبقى السؤال الملح هو لماذا يتنحى سيدي محمد ولد محم في هذا التوقيت البالغ الدقة؟ أم أنه سيشرف لاحقا على مخطط للانتقال بالبلاد إلى النظام البرلماني ؟

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق